طرب يخرج فِي الخيال ويغني لَهُ
(يَا صياد النحلة جاك الْعَمَل ... قُم اخْرُج من بكرَة هَات الْعَسَل)
وَكَانَ يعرف الموسيقى ويلعب بِالْعودِ وَيجْلس على دكان فِي جيرون للطب
ومسكنه فِي دَار الْحِجَارَة باللبادين وَله مدائح كَثِيرَة فِي بني الصُّوفِي الَّذين كَانُوا رُؤَسَاء دمشق والمتحكمين فِيهَا وَذَلِكَ فِي أَيَّام مجير الدّين أبق بن مُحَمَّد بن بوري بن أتابك طغتكين
وسافر أَبُو الحكم إِلَى بَغْدَاد وَالْبَصْرَة وَعَاد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا إِلَى حِين وَفَاته
وَتُوفِّي رَحمَه الله لساعتين خلتا من لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سادس ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق
وَقَالَ أَبُو الْفضل بن الملحي وَكتب بهَا إِلَى أبي الحكم فِي أثْنَاء كتاب كتبه إِلَيْهِ شاكرا لفعله
(إِذا مَا جزى الله امْرَءًا بفعاله ... فجازى الْأَخ الْبر الْحَكِيم أَبَا الحكم)
(هُوَ الفيلسوف الْفَرد والفاضل الَّذِي ... أقرّ لَهُ بالحكمة الْعَرَب والعجم)
(يدبر تَدْبِير الْمَسِيح مريضه ... فَلَو راءه أبقراط زلت بِهِ الْقدَم)
(فينتاشني من قَبْضَة الدَّهْر بَعْدَمَا ... ألم بأنواع من الضّر والألم)
(وبوأني من رَأْيه خير معقل ... فبرأ من ضري وأبرا من السقم)
(وَمَا زَالَ يهديني إِلَى كل مَنْهَج ... بآراء مفضال لَهُ سنّهَا الْكَرم)
(يضيء سنا أفكارها فَكَأَنَّهَا ... شموس جلا أشراقها حندس الظُّلم)
(وَقَامَ بأَمْري إِذْ تقاعد أسرتي ... مقَام أبي فِي كرمتي أَو مقَام أم)
(وأنقض ظَهْري مَا تحامل ثقله ... ووكل بِي طرفا إِذا نمت لم ينم)
(وَضم وَلم يمنن لجسمي شفاءه ... فلولاه قد أَصبَحت لَحْمًا على وَضم)
(فَأصْبح سلمي الدَّهْر بعد حروبه ... عَلَيْهِ سَلام الله مَا أَوْرَق السّلم) الطَّوِيل
وَكَانَ أَبُو الحكم يهاجي جمَاعَة من الشُّعَرَاء الَّذين كَانُوا فِي وقته ويهاجونه وللعرقلة وَهُوَ أَبُو الندى حسان بن نمير الْكَلْبِيّ يهجو أَبَا الحكم
(لنا طَبِيب شَاعِر أشتر ... أراحنا من شخصه الله)
(مَا عَاد فِي صبحة يَوْم فَتى ... إِلَّا وَفِي بَاقِيه رثاه) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا فِيهِ
(يَا عين سحي بدمع ساكب وَدم ... على الْحَكِيم الَّذِي يكنى أَبَا الحكم)