كبيرين أَحدهمَا فِي اللُّغَة وَالْآخر فِي الْفِقْه وَلم يتَّفق لَهُ إِتْمَامهَا وحفظت عَلَيْهِ طَائِفَة من كتاب سِيبَوَيْهٍ وأكببت على المقتضب فأتقنته
وَبعد وَفَاة الشَّيْخ تجردت لكتاب سبيويه ولشرحه للسيرافي
ثمَّ قَرَأت على أبي عُبَيْدَة الْكَرْخِي كتبا كَثِيرَة مِنْهَا كتاب الْأُصُول لِابْنِ السراج وَالنُّسْخَة فِي وقف ابْن الخشاب برباط المأمونية
وقرأت عَلَيْهِ الْفَرَائِض وَالْعرُوض للخطيب التبريزي وَهُوَ من خَواص تلاميذ ابْن الشجري
وَأما ابْن الخشاب فَسمِعت بقرَاءَته مَعَاني الزّجاج على الكاتبة شهدة بنت الأبري وَسمعت مِنْهُ الحَدِيث المسلسل وَهُوَ الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من فِي السَّمَاء
وَقَالَ أَيْضا موفق الدّين الْبَغْدَادِيّ إِن من مشايخه الَّذين انْتفع بهم كَمَا زعم ولد أَمِين الدولة بن التلميذ
وَبَالغ فِي وَصفه وَكثر وَهَذَا فلكثرة تعصبه للعراقيين وَإِلَّا فولد أَمِين الدولة لم يكن بِهَذِهِ المثابة وَلَا قَرِيبا مِنْهَا
وَقَالَ إِنَّه ورد إِلَى بَغْدَاد رجل مغربي جوال فِي زِيّ التصوف لَهُ أبهة ولسن مَقْبُول الصُّورَة عَلَيْهِ مسحة الدّين وهيئة السياحة ينفعل لصورته من رَآهُ قبل أَن يُخبرهُ وَيعرف بِابْن نائلي يزْعم أَنه من أَوْلَاد المتلثمة
خرج من الْمغرب لما استولى عَلَيْهَا عبد الْمُؤمن
فَلَمَّا اسْتَقر بِبَغْدَاد اجْتمع إِلَيْهِ جمَاعَة من الأكابر والأعيان وحضره الرضي الْقزْوِينِي وَشَيخ الشُّيُوخ ابْن سكينَة
وَكنت وَاحِدًا مِمَّن حَضَره فأقرأني مُقَدّمَة حِسَاب ومقدمة ابْن بابشاد فِي النَّحْو وَكَانَ لَهُ طَرِيق فِي التَّعْلِيم عَجِيب
وَمن يحضرهُ يظنّ أَنه متبحر وَإِنَّمَا كَانَ متطرفا وَلكنه أمعن فِي كتب الكيمياء والطلسمات وَمَا يجْرِي مجْراهَا وأتى على كتب جَابر بأسرها وعَلى كتب ابْن وحشية
وَكَانَ يجلب الْقُلُوب بصورته ومنطقه وإيهامه
فَمَلَأ قلبِي شوقا إِلَى الْعُلُوم كلهَا وَاجْتمعَ بِالْإِمَامِ النَّاصِر لدين الله وَأَعْجَبهُ
ثمَّ سَافر وَأَقْبَلت على الِاشْتِغَال وشمرت ذيل الْجد وَالِاجْتِهَاد وهجرت النّوم وَاللَّذَّات وأكببت على كتب الْغَزالِيّ الْمَقَاصِد والمعيار وَالْمِيزَان ومحك النّظر
ثمَّ انْتَقَلت إِلَى كتب ابْن سينا صغارها وكبارها وحفظت كتاب النجَاة وكتبت الشِّفَاء وبحثت فِيهِ وحصلت كتاب التَّحْصِيل لبهمنيار تلميذ ابْن سينا
وكتبت وحصلت كثيرا من كتب جَابر بن حَيَّان الصُّوفِي وَابْن وحشية وباشرت عمل الصَّنْعَة الْبَاطِلَة وتجارب الضلال الفارغة وَأقوى من أضلني ابْن سينا بكتابه فِي الصَّنْعَة الَّتِي تمم بِهِ فلسفته الَّتِي لَا تزداد بالتمام إِلَّا نقصا