للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وينبغي له -أيضًا- أنْ يلازمَ مَشَايخ مِصْره؛ ليأخذ عنهم ما يُهِمُّ من الأسانيد العالية، لا ما انفَرَدَ به بعضُهُمْ؛ قال أبو عُبَيْدَةَ (١): "مَنْ شَغَلَ نفَسُه بَغْير المُهِمِّ، أضَرَّ بالمُهِمِّ"، وإن استوَى جماعةٌ في السند، وأَرَدتَّ الاقتصارَ على أحدِهِمْ- فاختَرِ المشهورَ مِنْهُمْ في طلبِ الحديثِ، والمشارَ إلَيْه بالاتفاق فيه والمَعْرفِة له، وإن تساوَوْا في ذلك، فالأشرَفُ ذو النَّسَب منهم، فإنْ تَسَاوَوْا في ذلك فالأسنُّ.

ثُمَّ إذا استَوْفَى مَرْوِيَّ مَشَايِخ مِصره، فَلْيَشُدَّ الرحالَ لغَيْر بلده؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَ عُلُوِّ الإسناد وعلْمِ الطائفتَيْنِ؛ ولخَبَرِ: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيِهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إلىَ الْجَنَّةِ" (٢)، وقد رَحَلَ جابر بْنُ عبد الله


(١) هو معمر بن المثنى أبو عبيدة البصري الإمام النحوي حدث عن هشام بن عروة، ورؤبة بن الحجاج، وأبي عمرو بن العلاء، حدث عنه: علي بن المديني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعمر بن شبة، وعدة، قال يعقوب بن شيبة: سمعتُ علي بن المديني ذكر أباعبيدة، فأحسنى ذكره، وصحح روايته، وقال: لا يحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح.
وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال الذهبي: قد كان هذا المرءُ من بُحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد. مات سنة عشر ومئة. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (١٣/ ٢٥٢)، "معجم الأدباء" (٩/ ١٥٤) "إنباه الرواة" (٣/ ٢٧٦، "سير أعلام النبلاء" (٩/ ٤٤٥) "شذرات الذهب" (٢/ ٢٤).
(٢) أخرجه مسلم (٣٨/ ٢٦٩٩) والترمذي (٢٩٤٥) وابن ماجه (٢٢٥) من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا مطولاً، وفيه: "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" وأخرجه أبو داود (٣٦٤٣)، والترمذي (٢٦٤٦) وأحمد (٢/ ٤٠٧) والدارمي (١/ ٩٩). والحاكم (١/ ٨٨ - ٨٩)، وابن حبان (٨٤) من الطريق السابق بلفظ مختصر: "من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سهل الله به طريقًا من طرق الجنة ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".

<<  <   >  >>