للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الأوَّل (١): فهو مفيد للعلْمِ الضَّرُورِيِّ (٢)، أي: الحاصلِ عند سماعه مِنْ غَيْر احتياجٍ إلى نظر وكَسْب؛ لحصوله ممن لا يتأتَّى منه النظَرُ؛ كالبُلْهِ والصِّبْيَان؛ وهذا هو الصحيحُ الذي ذَهَبَ إليه الجمهورُ من المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين (٣).


(١) أي المتواتر اللفظي.
(٢) قال الحافظ في "نزهة النظر" (٢١ - ٢٢) معرفًا العلم الضروري: هو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكن دفعه … إلى أن قال: "الضروري يفيد العلم بلا استدلال والنظري يُفيده لكن مع الاستدلال على الإفادة، وأن الضروري يحصل لكل سامع، والنظري لا يحصل إلا لمن فيه أهلية النظر". اه
(٣) قال الفتوحى في "شرح الكوكب" (٢/ ٣٢٦): "العلم الحاصل بخبر التواتر ضروري عند أصحابنا والأكثر، إذ لو كان نظريًا لافتقر إلى توسط المُقدمتين، ولما حَصل لمن ليس من أهل النظر، كالنساء والصبيان، ولساغ الخلاف فيه عقلاً. كسائر النظريات، ولأن الضروري ما اضطر العقل إلى التصديق به، وهذا كذلك".
وقال الزركشي في "تشنيف المسامع" (٢/ ٩٥٠): "ذهب الجمهور إلى أن العلم في التواتر ضروري لا على معنى إنه يُعلم بغير دليل، بل معنى أنه يلزم التصديق فيه ضرورةً إذا أوجِدت شروطه، كما يلزم التصديق بالنتيجة الحاصلة عن المقدمات ضرورة، وإن لم تكن في نفسها ضرورية واستدلوا بأنه لو لم يفد العلم الضروري لوجدنا أنفسنا شاكين في وجود الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي وجود بغداد، وذلك باطل، لأن كل ما لا يعرض فيه الشك فليس بنظري، فالعلم الحاصل عن التواتر ليس بنظري". اه

<<  <   >  >>