(٢) هو كتاب السنن المعروف بسنن أبي داود، قال أبو داود: "كتبت عن رسول الله ﷺ خمس مئة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن جمعتُ فيه أربعة ألاف وثمان مئة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربة قال: لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من الناس كافة فصار حكمًا بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعليه معول أهل العراق ومصر والمغرب، وكثير من أقطار الأرض، وقد حل كتابه هذا عند أهل الحديث وعلماء الأثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الأبل ودامت إليه الرحل" وقال أبو داود: "ذكرت في السنن" الصحيح وما يقاربه، فإن كان فيه وهنٌ شَديد بينته قال الذهبي: "فقد وفى ﵀ بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضَعفه شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسَرَ عن ما ضَعفه فضعيفٌ محتمل … ، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخر، ثم يليه ما رَغِبا عنه وكان إسناده جيدًا، سالمًا عن علةٍ وشُذوذ، ثم يليه ما كان إسناده صالحًا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدًا، يعضد كل إسنادٍ منهما الآخر، ثم يليه ما ضُعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يمشيه أبو داود، ويسكت عنه غالبًا، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالبًا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته. "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٢١٢ - ٢١٥) أما الإمام أبو داود، فهو سليمان بن الأشعث قال الذهبي الإمام شيخ السنة، مقدم الحفاظ، أبو داود، الأزدي السجستاني، سمع من مُسلم بن إبراهيم، وأحمد بن حنبل ولازمه وعلي بن المديني، ومسدد بن مسرهد، ويحيى بن معين وغيرهم حدث عنه: أبو عيسى الترمذي، في جامعه، وأبو بكر النجاد وأبو سعيد بن الأعرابي، وأبو بكر الخلال، وحرب بن إسماعيل الكرماني وغيرهم. قال ابن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهًا وعِلمًا وحِفظًا ونُسكًا وورعًا وإتقانًا جمع وصنف وذب عن السنن. وقال الصاغاني: ألين لأبي داود السجستاني الحديث كما لُين لداود الحديث. قال أبو عبيد الأجري: توفي أبو داود في سادس عشر شوال سنة خمسٍ وسبعين ومئتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (٩/ ٥٥)، طبقات الحنابلة (١/ ١٥٩)، تذكره الحفاظ (٢/ ٥٩١)، "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٢٠٣).