للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: حدَّثنا حُصَيْن (١) ومُغِيَرة (٢)، عن إبراهيم (٣)، وساق عدَّة أحاديث، فلما فرغ قال: هل دلَّسْتُ لكُمْ شيئًا؟ قالوا: لا، فقال: بَلَى كُلُّ ما حَدَّثْتُكُمْ عن حُصَيْنٍ، فهو سماعيٌّ، ولم أَسمَعْ عن مغيرة من ذلك شيئًا" (٤)، ومع ذلك هو محمولٌ على أنَّه نَوَيً، القطع، ثم قال: وفلان، أي: وحديث فلان.

و اخْتُلِفَ في رواة هذا القِسْمِ، أَمَرْ دُودٌ حديثُهُم أم لا؟: ذَهَبَ جماعةٌ من المحدِّثين والفُقّهاء - حتى عن بعْضِ مَنْ يحتجُّ بالمرسل - وتَبِعَهُمُ المصنِّف كما يُشْعِرُ به ظاهر إطلاقه: أنه مردودٌ مطلقًا، سواءٌ بيَّنوا الاتصالَ أم لا، دلَّسوا عن الثقاة أمْ غيرِهِمْ، نَدَرَ تدليسُهُمْ أم لا؛ لأنَّ التدليس جرح لما فيه من التُّهَمِة والغِشِّ (٥).


(١) هو حصين بن عبد الرحمن السُّلمي أبو الهذيل، روى عن جابر بن سمرة، وزيد بن وهب، والشعبي، وسعيد بن جبير، ومجاهد وجماعة، وعنه: شعبة، والثوري وهشيم، قال أبو زرعة: ثقة، وقال أبو حاتم صدوق ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه، قال عبد الرحمن بن مهدي: هشيم أعلم الناس بحديث حصين قال مطين: توفي سنة ست وثلاثين ومئة. انظر "التهذيب" (٢/ ٣٤٣).
(٢) هو المغيرة بن مِقسَم الضبي أبو هاشم الكوفي. روى عن أبيه، وأبي وائل، وإبراهيم النخعي، والشعبي وغيرهم، وعنه: شعبة، والثوري، وهشيم، وأبو عوانة، قال أبو حاتم: ثقة، وقال العجلي: مغيرة ثقة فقيه الحديث إلا أنه كان يرسل الحديث عن إبراهيم فإذا وقف أخبرهم ممن سمعه، انظر "التهذيب" (١٠/ ٢٤٢).
(٣) هو إبراهيم بن يزيد النخعي، وقد تقدمت ترجمته.
(٤) "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص (١٠٥)، وانظر "طبقات المدلسين" لابن حجر ص (٤٧) حيث ذكر هذه القصة وعدها من عجائب هشيم في التدليس.
(٥) ذكر ذلك الخطيب في الكفاية ص (٣٦١) وعزاه لبعض الفقهاء.
وقال الحافظ ابن حجر في النكت: "حكاه القاضي عبد الوهاب في الملخص"، فقال: "التدليس جرح وإن من ثبت أنه كان يدلس لا يُقبل حديثه مطلقًا - قال -: وهو الظاهر من أصول مالك".
وقال ابن السمعاني في "القواطع": "إن كان إذا استكشف لم يخبر باسم من يروي عنه، فهذا يسقط الاحتجاج بحديثه، لأن التدليس تزوير وإيهام لما لا حقيقة له، وذلك يؤثر في صدقه، وإن كان يخبر، فلا هكذا قال. والصواب الذي عليه جمهور المحدثين خلاف ذلك". اه من النكت ص (٢/ ٦٣٢ ت-٦٣٣) وانظر هناك المزيد من كلام هذا الفريق والرد عليه وكذا، "جامع التحصيل للعلائي" ص (١٠٢)، و"فتح المغيث" (١/ ٣٤٩) للسخاوي؛ و"التدليس في الحديث" ص (١١٠ - ١١١) لمسفر الدميني.

<<  <   >  >>