للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخره"؛ مريدًا به ثابتًا؛ لزُهْده، ووَرَعِهِ، وعبادته، فظنَّ ثابتٌ أنَّهُ متْنَ السند أو بقيَّته؛ فكان يحدِّث كذلك - متصلا أو مدرجًا له في المَتْن - غفلةً ووهمًا منه.

و اعلَمْ: أن الكذِبَ يُعْرَفُ بالإقرارِ - كما سيجيء أو بمِثْلِهِ؛ كأنْ يحدِّثَ بحديثٍ عن شيخ، ثمَّ يَسْأَلَ عن مَوْلِدِهِ، فيذكره بتاريخٍ يُعْلَمُ به وفاتُهُ قبله، ولا يُعْرَف ذلك الحديث إلا عنده؛ فهذا لم يُقرَّ بوضعه، ولكنَّ إقراره بمَوْلده، يُنَزَّلُ منزلة إقراره بوضعه؛ لأن ذلك الحديثَ لم يثبُتْ إلا عند الشيخِ، ولا يُعْرَفُ إلا بروايتِهِ، أو يُعْرَف برَكَاكة لَفْظه مما يَرْجِع إلى عدم الفصاحة، وما يَتْبَعُها مع التَّصْريح بأنه لَفْظُ النبيِّ أو بَرَكاكة معناهِ ممَّا يَرْجِع إلى الإخبار عن الجَمْع بين النقيضَيْن، وعن نَفْي الصانع، أو عَنْ قِدَمِ الأجسام، أو نَحْوِ ذلك، أو بِرَكَاكتهما معًا؛ وقد روى الرَّبِيعُ بنُ خُثَيْمٍ (١) التابعيُّ، قال: إِنَّ للحديثِ ضَوْءًا كضَوْءِ النهارِ، تَعْرِفُهُ، وظُلْمَةٌ كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ تُنْكِرُهُ" (٢)،


(١) هو الربيع بن خثيم بن عائذ أبو يزيد الكوفي.
روى عن النبي مرسلا، وعن ابن مسعود وأبي أيوب، وعمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وعنه: ابنه عبد الله، والشعبي، وهلال بن يساف، وإبراهيم النخعي. روى أحمد في الزهد عن ابن مسعود أنه كان يقول للربيع: والله لو رآك رسول الله لأحبك، وقال الشعبي: "كان الربيع أشد أصحاب ابن مسعود ورعًا"، وقال العجلي: "تابعي، ثقة، وكان خياراً". وقال ابن معين: لا يُسأل عن مثله"، وقال ابن حبان: "أخباره في الزهد والعبادة أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في ذكره، مات سنة ٦٣، وقيل ٦١. انظر ترجمته في "طبقات ابن سعد" (٦/ ١٨٢)، "تهذيب التهذيب" (٣/ ٢١٧). "
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٦/ ١٨٦)
والفسوي في المعرفة والتاريخ (٢/ ٥٦٤)، ووكيع في "الزهد" ص (٥٢٨)، وأحمد في "الزهد" (٣٣٨) والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (٣١٦) والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (٦٢)، وابن عدي في "مقدمة الكامل" (٩٧ - ٩٨) وابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ١٠٣).

<<  <   >  >>