للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القاضي: "و حاصلُهُ: أنَّ إقراره بوَضْعِهِ كان في رَدِّهِ، لكنْ ليس بقاطِعٍ في كونِهِ موضوعًا؛ لجواز كَذِبِهِ في إقراره؛ ففي الحقيقة: ليس ذلك استشكالا، بل بيانٌ للمراد والواقع؛ إذ لا يُشْتَرَطُ في الحكم القطْعُ؛ بل يكفي غَلَبَةُ الظنِّ" (١). انتهى ملخَّصًا.

و يسمَّى الخَبَرُ الكّذِبُ: موضوعًا؛ من وَضَعَ الشَّيْء، أي حَطَّهُ؛ سمي بذلك لانحطاطِ رُتْبَتِهِ دائمًا؛ بحيث لا ينجبرُ أصلا، ولم يجوِّزِ العلماءُ ذِكْره لمن عَلِمَ أنه كَذِب في أيِّ معنًى كان: من حُكْمٍ، أوِقصَّة، أو ترغيب أو ترهيب، أو غيرها؛ لخبر: "مَنْ حَدَّثَ عَنَّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الكَذَّابِينَ" (٢)، وكلُّ مَنْ يرويه حصل له الضَّرَر، لاسِيَّمَا مَنْ وَضَعَ ذلك؛ ترغيبًا للخيْر، من نَسَبِ نفسَهُ إلى الصلاح؛ ليحتسبوها عند الله - بزعْمِهِمُ الباطل؛ وجَهْلِهِمُ القاتل - وإنما كانوا أضرَّ؛ لأنهم يَرَوْنَ ذلك. قُرْبَةَ؛ فلا يتركونَهُ، ويُقْبَلُ منهم؛ وثوقًا بهم؛ لِمَا نُسِبُوا له من


(١) "فتح الباقي" (١/ ٢٨١) لزكريا الأنصاري.
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٩) المقدمة: باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين، وابن ماجه (١/ ١٥) - المقدمة: باب من حدث عن رسول الله وهو يرى أنه كذب حديث (٣٩) وأحمد (٥/ ١٤) وابن حبان (٢٩) والطحاوي في "مشكل الآثار" (١/ ١٧٥) من حديث سمرة.

<<  <   >  >>