للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوليةً، من غير عُذْر، أما مِنْ عُذْر في فِعْلٍ مفسِّقٍ - ولو كان قطعيًّا مقبولٌ في الأصحِّ، سواءٌ اعتقَدَ الإباحَةَ أو لم يعتقدْ شيئًا - للعُذْر - بخلاف مَنْ عَلِمَ التحريمَ بإخبار، أو تديَّنَ بالكذب؛ فلا يُقْبَلُ قطعًا.

و هذا التفصيلُ منقولٌ عن الشافعيِّ.

أمَّا في المظنون: فكقوله: إِذَا شَرِبَ الحَنَفِيُّ النبيذَ مِنْ غَيْر سُكْرٍ، أَقْبَلُ الكلام للشافعي يوثَّق شهادتَهُ واحدًة؛ لأنَّه لم يُقْبِلْ عليه بجرأة، ودليلُ تحريمه ليس قطعيًّا حتى لا يُعْتَبَرَ معه، فتقبل روايتُهُ.

و أما في المَقْطُوع: فكقوله: أقبَلُ روايةَ أَهْل الأهواءِ إلا الخَطَّابيَّة (١)، وتوجيهُهُ فيهما: أن المقتضِيَ لقَبُولِ روايته قائمٌ، وهو ظنُّ صِدْقِه؛ لأنه يرى الكَذِبَ قبيحًا لغَيْه، والمعارضُ المتَّفَق عليه مُنْتَفٍ؛ فوجَبَ أن يُقْبَل؛ عملا بالمقتضِى.

و قيل: لا يُقْبَل؛ لارتكابه المفسِّق، وإنِ اعتقَدَ الإباحة.

و قيل: يُقْبَل في المظنون دون المقطوع؛ لأنَّ ظَنَّ الصدْقِ يَضْعُفُ في المقطوعِ دون المظنون،

و لا الكبيرةِ حُدُودٌ كلُّها مدخولةٌ، فالأَوْلَى تعريفها بالعد والتفصيل ب "الزواجر" (٢) للعلامة ابن حجر الهيثمي

و ضده - وهو رابعها (٣) - الجَهْلُ بحال الراوِيِ؛ بأن كان مَسْتُورَ،


(١) هم أتباع أبي الخطاب الأسدي وقد تقدم التعريف بهذه الفرقة وبدعتهم مكفرة لأنهم يقولون بألوهية الأئمة بل إن أباالخطاب نفسه قد ادعاها وكذلك يستجيزون الكذب، وشهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم. وانظر ص ٤١٣.
(٢) هو كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر وقد تعرض فيه لتعريف الكبيرة، وما وقع للناس في عدها وما يتعلق بذلك، ثم ختم الكتاب بفصل في التوبة وذكر النار وصفتها والجنة ونعيمها. وللكتاب عدة طبعات.
(٣) أي رابع الأمور التي يطعن بها في الراوي من جهة العدالة.

<<  <   >  >>