للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الشافعيِّ (١)، وهو غلطٌ توهَّموه من قوله: "ينعقدُ النكاحُ بشهادة المستُورِينَ"، وذَكَرَ صاحب البديع (٢) وغَيْرُهُ من الحنفيَّة - أن أباحنيفَةَ إنَّما قَبِلَ ذلك في صدر الإسلام؛ حيثُ كان الغالبُ على الناسِ العدالَةَ، فأما اليوْمَ، فلا بُدَّ من التزكية (٣)؛ لغلبة الفسق (٤) "؛ وهذا هو الصحيح.


(١) انظر "الأم" للشافعي (٥/ ٢٤) حيث قال: "و لو جهلا حال الشاهدين، وتصادقا على النكاح بشهادة المستورين - جاز النكاح".
(٢) صاحب البَديع هو مظفر الدين أحمد بن علي الساعاتي الحنفي ت ٦٩٤ هـ. وقد تقدمت ترجمته والكلام على كتابه، وبينا ما يقع من الاشتباه بين بدائع الصنائع للكاساني، والبديع للساعاتي.
(٣) وهو اختيار الكمال بن الهمام نقلا عن ظاهر الرواية عن أبي حنيفة في مجهول الحال، وأنه لابد من التزكية، أما ظاهر العدالة، وهو ما التزم أوامر الله ونواهيه، ولم يظهر فيه خلاف ذلك وباطن أمره غير معلوم فهو - عدل وتقبل روايته.
تيسير التحرير (٣/ ٤٨، ٤٩).
بينما يخصص السرخسي قبول العدالة الظاهرة بالقرون الثلاثة فيقول: "المجهول من القرون الثلاثة عدل بتعديل صاحب الشرع إياه، ما لم يتبين منه ما يزيل عدالته، فيكون خبره حجة" انظر أصول السرخسي (١/ ٣٥٢)، المسودة (٢٢٨) "تدريب الراوي" (١/ ٣١٧).
(٤) حكى الإمام مسلم في صحيحه الإجماع على رد خبر الفاسق فقال: إنه غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهاداتهم مردودة عند جميعهم" انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١/ ٦١ - ٦٢). وهو ما نقله السرخسي عن محمد بن الحسن انظر أصول السرخسي (١/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>