للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و عطف المرتبة الثانية على الأُوَلى ب "ثُمَّ"؛ لتراخي رُتْبتها عنها، فقال: "ثُمَّ أَخْبَرَنِي، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ" (١) أي: على الشيخ؛ لأنه مُتَعَقل في الذِّهن؛ كما في قوله تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَاُه في لَيْلَةِ القَدْرِ" [القدر: ١].

وبعض المحدِّثين يسمِّى ذلك: عَرْضًا، بمعنى أن القاريء يَعْرِضُ على الشيخ الحديثَ، كما يَعْرِضُ القرآنَ على المقرئ، سواء كانت القراءة على الشيخ بِحِفْظٍ أو كتابٍ؛ بشرط أن يكونَ الشيْخُ حال القراءةِ عليه حافظًا لما عرض عليه، أو ماسكًا للكتابِ بيده، أو كان بيد ثِقَةٍ. (٢)

وأجْمَعَ المحدِّثون على صحَّة الأَخْذ والتحمُّل بالرواية عَرْضًا، ولم يعتدُّوا بالخلاف (٣)؛ بل عملوا بخلافه (٤)؛ فكان مالكٌ يُنْكِرُ على


(١) المرتبة الثانية وهي: القراءة عل الشيخ. انظر الإلماع ص (٧٠) وقد دمج عياض بين هذه المرتبة والتي بعدها. وكذا ابن صلاح وتبعه النووي في التقريب والسيوطي في التدريب انظر مقدمة ابن الصلاح ص (٣١٤) تدريب الراوي (٢/ ١٢). وقال السيوطي: "و صرح كثيرون بأن القراءة بنفسه أعلى مرتبة من السماع بقراءة غيره" اه التدريب (٢/ ١٦).
(٢) انظر "الإلماع" ص (٧١)، "تدريب الراوي" (٢/ ١٦).
(٣) روي الخلاف في ذلك عن أبي عاصم النبيل، رواه عنه الرامهرمزي قال السيوطي: "إن ثبت" أي إن ثبت ذلك عن أبي عاصم. وانظر "تدريب الراوي (١/ ١٣) "، "و توضيح الأفكار" (٢/ ٣٠٢)
(٤) قال السوطي: "و ممن قال بصحتها من الصحابة فيما رواه البيهقي في المدخل: أنس، وابن عباس، وأبو هريرة، ومن التابعين ابن المسيب، وأبو سلمة، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وابن هرمز، وعطاء، ونافع، وعروة، والشعبي، والزهري، ومكحول، والحسن، ومنصور، وأيوب. ومن الأئمة، ابن جريج، والثوري وابن أبي ذئب، وشعبة، والأئمة الأربعة، وابن مهدي، وشريك، والليث، وأبو عبيد، والبخاري، وخلق لا يحصون كثير" اه التدريب (٢/ ١٣).

<<  <   >  >>