للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكتابٍ أو حِفْظٍ، والشيْخُ حافظ، أَوْلا (١)؛ كما سبق.

و إنما قيّد بقوله: "و أنا أَسْمَعُ" خشيةَ التدليس، وكانتْ هذه المرتبةُ ثالثةً؛ لأنَّ من يَسْمَع، ليس كالذي يقرأُ بنَفْسِهِ؛ إِذْ رُبَّما تَعْرِض للأوَّل غفلةٌ؛ لعدم توجُّه الشيخِ نحوه.

و مَنَعَ الإمامُ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وجماعةً: أنْ يقول مَنْ أخذ عَرْضًا: حَدَّثنا وأخْبَرَنَا فلانُ بلا تقييدٍ بقراءته أو قراءة غَيْرِهِ وهو يسمع؛ لدلالتها على السَّمَاع من لَفْظ الشَّيْخ وذهب البخاري وجماعة إلى الجواز.

و ذهَبَ الإمامُ الشافعيُّ، ومسلمٌ، وجماعةٌ، ومنهم المصنِّف: إلى جواز إطلاق "أَخْبَرَنَا" دون "حدَّثَنا"؛ للفرق بينهما، وللتَّمْيز بين القِسْمَيْن، وخصّ الأوَّل بالتحديث؛ لَقُوّة إشعاره بالنُّطْق والمشافهة، فلَفْظ الإخبار أعمُّ من التحديث (٢).

وسلك في الرابعة -أيضًا- المسلك السابق؛ فقال: "ثم أنبأني" (٣)، وإنَّما كَانَتْ رابعةً؛ لتردُّدها بين الإخبار والإجازة؛ فإنها في اصطلاح المتقدِّمين - وعليه أَهْلُ اللغة - بمعنى: الإخبار، وفي عُرْف المتأخِّرين


(١) وهذه المرتبة داخلة في التى قبلها عند عياض وغيره كما تقدم. وانظر "الإلماع" ص (٧٠) و"تدريب الراوي" (٢/ ١٢).
(٢) قال السيوطي: "و منعت طائفة إطلاق "حدثنا" وأجازت إطلاق "أخبرنا" وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق، وقيل إنه مذهب أكثر المحدثين، عزاه لهم محمد بن الحسن التميمي الجوهري، في كتاب الإنصاف، قال: "فإن "أخبرنا" علم يقوم مقام قول قائله أنا قرأته عليه لأنه لفظ به لي "، وروي عن ابن جريج والأوزاعي وابن وهب" اه "التدريب" (٢/ ١٧).
(٣) المرتبة الرابعة وهي الإجازة، وعبر عنها "بأنبأني" لأنه اشتهر عند المتأخرين استعمال هذا اللفظ في أداء ما تُحمل "بالإجازة"، كما سيأتي.

<<  <   >  >>