للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعدمِ جوازِ خُلُوِّه عن أحد الأَوْجُه الثلاثة، أعني: استعمالَهُ بالإضافة، أو "مِنْ" أو "اللام"، إذا لم يكُنِ المفضَّلُ عليه معلومًا، وإن يكنه، فلا مانِعَ من الخلوِّ؛ كما في "اللَّهُ أَكْبَرُ" ونحوِهِ؛ فيقال: إن المحذوف المشعور به هو المضافُ إليه؛ باعتبار أنه مستعمل (١) بالإضافة، أي: أَعْلَمُ كُلِّ عالمٍ، أكْبَرُ كُلِّ كبير، ونحو ذلك، أو أنَّه "مِنْ" مع مجرورها، أي: أَعْلَمُ مِنْ كل عالم، وأكْبَرُ مِنْ كُلِّ كبير، وما أشبهه.

وإما أن يكونَ محمولاً على اسْمِ الفاعلِ مجازًا؛ قياسًا عند المُبَرِّدُ (٢)، وسماعًا عند غيره؛ ومنه: قولُهُ تعالى: ﴿وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ إذْ ليسَ شَيْءٌ أهْوَن عليه تعالى من شَيْءٍ، وما كان بهذا المعنى، فلزومُهُ صيغة "أَفْعَلَ" أكثَرُ من المطابقةِ؛ إجراءً له مُجْرَى الأغلب الذي هو الأَصْل، أي: أَفْعَلُ من عْلَمْ: واعلم أنَّ الحنفيَّة قد كَرِهُوا التلفُّظ بقول: "و اللهُ أعْلَمُ" عند ختم الدَّرْس، بقطع الكلام؛ حيث قال المحقِّق عبد البرِّ (٣) في شرحه على


(١) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ١٣١).
(٢) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري النحوي إمام النحو، أخذ عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السِّجستاني وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان، وعدة قال الذهبي: ": كان إمامًا، علامة، جميلاً، وسيمًا فصيحًا، مفوهًا، مُوَثَّقًا، صاحب نوادر وطرف، له تصانيف كثيرة توفي سنة ست وثمانين ومئتين. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (٣/ ٣٨٠)، "سير أعلام النبلاء" (٣/ ٥٧٦)، "بغية الوعاة" (١/ ٢٦٩)، "شذرات الذهب" (٢/ ١٩٠).
(٣) هو عبد البر بن محمد المعروف بابن الشحنة الحلبي ولد في حلب ورحل إلى القاهرة وأخذ على جماعة من أهل العلم فيها، وصار جليس السلطان الغوري من تصانيفه: "شرح جمع الجوامع للسبكي"، "الذخائر الأشرفية في الألغاز الحنفية" و"شرح منظومة ابن وهبان" وغيرها توفي سنة (٩٢١ هـ) انظر "شذرات الذهب" (٨/ ٩٨).

<<  <   >  >>