للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْكُلُون الدنيا بالدِّين، ويَجْعَلُون ذلك وسيلة إلى أخذ الدَّرَاهِمِ من الناس؛ فإنه -حينئذٍ- أخَذَ لذلك ثمنًا، والله أعلَمُ بالصواب".

انتهى كلام المحقِّق.

و ما سَمِعْتَ من الكراهة غَيْرُ مُرْضٍ عند الشافعية؛ فقد قال العلامة ابن حَجَر (١) في "شرح المنهاج" (٢): "وزعَمَ بعض الحنفيَّة: أنه لا ينبغي أن يُقَال ذلك، قيل: مطلقًا، وقيل: للإعلامِ بخَتْمِ الدرس، ويُرَدُّ بأنه لا إيهامَ فيه؛ غاية التفْويض للمطلوب؛ بل في حديثِ البُخَارِيِّ في "باب العلم" في قصَّة موسى مع الخَضِرِ ما يَدُلُّ له، وهو قوله فيه "فعتب الله على موسى" أي: حيثُ سُئِلَ عن أعلَمِ الناس، فقال: "أنا"؛ إذ لم يرد العلم إليه صادق بأن يقول الله أعلم بل القرآن دالٌّ له، وهو: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤]، وقد قال عليٌّ : "وأبردها عَلَى كَبِدِي؛ إذَا سُئِلْتُ عَمَّا لَا أَعْلَمُ أَنْ أقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ" (٣).

و لا ينافيه ما في البخاريِّ أن عُمَرَ سأل الصحابة عن سورة النَّصْر؟ فقالوا: "اللَّهُ أَعْلَمُ" فَغَضِبَ وقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ، أَوْ لَا نَعْلَمُ (٤)، وفي رواية: أنه قال لمن قال له مَرَّةً: "قد تيقنا إنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهُ يَعْلَمُ"، لتعين حمله على أنه فيمن جعل الجواب به ذريعةً إلى عدمِ إخبارِهِ عما سُئِلَ عنه، وهو يعلَمُ، وقد ذَكَرَ الأئمَّةُ في "اللَّه أَكْبِرُ وأَعْلَمُ"


(١) هو ابن حجر الهيتمي. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) أي شرح كتاب " المنهاج "للنووي.
(٣) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ٨٣٦)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ١٧١).
(٤) تلبحتري رقك (٤٢٩٤) و (٤٩٧٠) بنحو ما ذكره المصنف.

<<  <   >  >>