تعدل أوزان الأغاني كأنما ... تعدل أوزان الأغاني غريبها
تسام استقاء في الشتاء إذا عرا ... وتعطل أيام المصيف ذنوبها
ومن ضروب العصافير البلبل وهو العندليب) والعندليب ويجمع على فواعل (ويسميه أهل المدينة النغر ويعد من العصافير الدحل وهو طوير اغيبر الرأس لطيف القدر مأواه الشجر ويعد منها البلبل قال الجاحظ: البلبل موصوف بحسن الصوت والحنجرة ومن شأنه إذا كان غير حاذق ولا ماهر أن يطارحه إنسان بشكل صوته فيجيبه، ويتدرب فيتعلم ويجود صوته ويحسن.
[الوصف والتشبيه]
قال أبو هلال العسكري:
مررت بدكن القمص سود العمائم ... تغني على أطراف غيد النواعم
زهين بأصداغ تروق كأنها ... نجوم على أعضاد أسود فاحم
ترى ذهبا منهن تحت مآخر ... لها ولجينا نظنة بالمقادم
ولآخر:
كيف الحي وقد خلعت على اللهو ... عذاري وقد هتكت قناعي
وتعشقت بلبلا أنا منه ... في إزعاج إلى والتياع
أنا من ريشه المدبج في زه ... ر ومن شجو صوته في سماع
[الباب الثامن]
[في طبائع الطير الليلي والهمج]
والذي يجعلنا ابتداءنا بذكره من ضروبه ما هجر ظهوره في إشراق قرص الشمس وواصله عند غروبه.
[القول في طبائع الخفاش]
وهذا الضرب عد من الطير اصطلاحا لغويا، وإن كان ليس من الطير في شيء فإنه ذو أذنين وأسنان وخطم وخصيتين بارزتين، ويبول كما تبول ذوات الأربع ويحضن، ويلد، ويرضع، ولا ريش له قال بعض المفسرين للكتاب العزيز لما كان الخفاش هو الذي خلقه عيسى - عليه السلام - بإذن الله تعالى كان مباينا لصنعة الخالق لهذا سائر الطير تقهره وتبغضه، فما كان منها يأكل اللحم أكله، وما لا يأكل اللحم قتله، فلذلك لا يطير إلا ليلا، وقال بعضهم: وسبب مباينة الطير له وإنكارها إياه، مخالفته لها في الخلقة والطيران والسفاد، وسبب وغير ذلك مما ذكرناه آنفا وهو من بين الطير شديد الطيران كثير التكفي سريع التقلب، وطعامه البعوض والفراش يصيدها وقت طيرانه، ولا يبلغ ذلك إلا بما فيه من سرعة اختطافه واختلاسه وشدة طيرانه، ولين أعطافه، وهو من ذلك ليس بذي ريش، وإنما هو لحم وعشاء جلدي صلب كأنه ضفدع، وطيرانه بغير ريش عجيب، ومن عجائبه أنه لا يطير في ضوء ولا في ظلمة، وسبب ذلك أنه ضعيف قوة البصر قليل شعاع العين، ولذلك لا يظهر في ظلمة لأنها تكون غامرة لضياء بصره ولا يطير نهارا لضعف ناظره عن التحديق في ضعاع الشمس فهو لذلك يجعل خروجه في طلب قوته، وقت غروب الشمس، وظهور الشفق، وذلك وقت هياج البعوض وانتشاره، وهو يترك الجبال وبسيط الفيافي وصدوع الصخور، وجزائر البحر ويطلب الناس وقربهم ثم إذا صار في بيوتهم قصد أرفع مكان فيها وأحصنه، وأبعده من المواضع التي يجتاز بها، وترفع فيها الحوائج، ويذكر بطول العمر حتى يجوز العقاب إلى النسر، ويجوز الفيلة، وحمر الوحش إلى الحيات، ويقال: إن الذي يظهر في ضوء القمر من الخفاش هو المسن ولذلك يضخم ويقبل اللحم على الكبر،) وهو من الحيوان، وليس في الحيوان ما يحمل ولده غيره، والقرد، والإنسان والطائر له أذنان بارزتان، ويلد، ويرضع أولاده، وله أثداء مثل ذوات الأربع (، ويلد ما بين ثلاثة إلى سبعة، وكثيرا ما يسفد، وهو طائر في الهواء كما أن الظباء قد تتسافد في أحمى عدوها، وأسرع جريها، وهو يحمل ولده تحت جناحيه، وربما قبض عليه بفيه، وذلك من ظنه به وإشفاقه عليه، وربما أرضعت الأنثى ولدها وهي تطير وفي طبعه أنه متى أصابه شجر الدلب خدر ولم يطب.
[الوصف والتشبيه]
قال بعضهم يصفه عن طريق اللغز:
وطائر جناحه في رجله ... أعجب فصه من وصله
لم يصف الله بخلق مثله ... وهو على تألف في شكله
لو بيع في سوق لم اغله
والكروان: وفي طبعه الطيران في الليل والادلاج والصياح بالأسحار والإشراف على مواضع العساكر، ويوصف بالحمق، ومن حمقه أنه يقال: له اطرق كرا فيلصق بالأرض حتى يرمى وتقول العرب:
اطرق كرا اطرق كرا ... إن النعامة في القرى
والصدى: تزعم العرب في أكاذيبها أن الإنسان إذا مات أو قتل تتصور نفسه صورة طائر تصدح على قبره مستوحشة بجسدها، وفي ذلك يقول توبة بن الحمير حين يقول: