ومنها أن فيه ما يشاكل الجمع، والشهور، والأيام، والسنة، أما الجمعة فإن بدنه سبعة أجزاء وهم: اللحم، والعظام، والأعصاب، والعروق، والدم، والجلد، والشعر وأما الشهور فإن لبدنه اثنا عشر جزء مدبراً منها ستة باطنة وهي الدماغ والقلب، والكبد والطحال، والمعدة والأنثيان، وستة ظاهرة وهي العقل والحواس الخمس، وأما الأيام فان فيه ثلاثمائة وستين عظماً منها ما هو لبنيه الجسد، مائتان وخمسة وستون عظماً، والباقي سمسانية لسد الفروج التي تكون بين العظام، فإن فيه أربعة أخلاط طبعها طبع الفصول الأربعة، فالدم الربيع في حرارته ورطوبته، والمرة الصفراء كالصيف في حره ويبسه، والمرة السوداء كالخريف في برده ورطوبته وسئل أرسطو طاليس: فما تقول في البلغم؟ قال الملك الأكبر إن فتحت عليه باباً، فتح باباً، قيل فما تقول في الدم؟ قال عبدك وبيدك، وربما قتل العبد مولاه، قيل فما تقول في المرة الصفراء؟ قال كلب عقور في حديقة، قيل فما تقول في المرة السوداء؟ قال هيهات تلك الأرض إذا ماجت ماج عليها وقال جالينوس: البلغم في الجسد كالسبع الذي لا يضرب شيئاً إلا قتله، وإن منه السودان، كاللص إذا دخل الدار عمد إلى خير شيء فيه فسرقه، يغلب على القلب والدماغ فيفسدهما، والدم كعبد السوء ربما قتل سيده فدواؤه إخراجه لأن التصفية لا تنفع فيه، والصفراء يرضيه اليسير، ويصلحه القليل فهي تهيج بالثمرة وتعمقها شربة باردة وهذه الأخلاط من أول مزاج الأركان التي هي العناصر الأربعة، وهي النار، والهواء، والماء، والأرض، ومزاجها تقابلها وازدواج بعضها ببعض، ومن هذه الأركان يبتدئ التركيب، واليها ينتهي التحليل وهي على الجملة، فالإنسان وعاء القوي وظريف المعاني وطينة والصور ومعدن الآثار، وهدف الأعراض، ولكل شيء فيه نصيب، ومن كل شيء عنده حلية وله إلى كل شيء مسلك، وبينه وبين كل شيء نسبة ومشاكلة، وهو جملة أشياء لا تنفصل، وتفصيل حقائق لا تتصل، وهو لب العالم بين المتوسط بين العالمين وله نزاع إلى الطرفين إلى ما حط عنه بالتشوف إلى الكمال، وإلى ما يعلو عنده بالتنزه عن النقصان، وهو تابع للغالب، ومنجذب مع الجاذب، وفاعل فيما علا عليه، وقبل أثره، وقابل مما انحط عنه وسرى إليه أثره والله اعلم بالصواب.
[الباب الثاني]
[في ذكر طبائع ذي الناب والظفر]
قال ابن أبي الأشعث: الحيوان السبعي أرضي ناري، وإنما قيل له أرضي ناري لما فيه من العدو والخفة والافتراس، وأكل الدم واللحم الحي، وجميع ذلك بطبعه الناري، وإنما قيل له الأرضي لأن اليبس فيه مفرط لغلبة يبس الأرض على حر النار، وحر النار مساعد غير معاند فلهذا هو أشد الحيوان واجرؤه، وهو قوي الصلب شديد الختل عاسي الجسم شرس الأخلاق لا يألف كل نوع من أبناء نوعه لشراسته واستئثاره هو نفسه، ولا يتزوج، ولا تربي الذكور أولادها لقساوة قلوبها، وإن وجدت جراها أكلتها، ولنجعل أول ما نذكر من هذا النوع