والدب مختلف الطباع يأكل ما تأكله السباع، وما ترعاه الدواب، وما يأكله الناس وفي طبعه أنه إذا كان أوان السفاد خلا كل ذكر بأثناه، والذكر يسفد أنثاه مضطجعة على الأرض وهي تضع جروها فدرة لحم غير متميز الجوارح فتهرب به من موضع إلى موضع خوفاً عليه من النمل وهي مع ذلك تلمسه حتى تنفرج أعضاؤه ويتنفس وفي ولادتها صعوبة وربما أشرفت على التلف حالة الوضع ويزعم بعض من فحص عن طباع الحيوان أنها تلده من فيها، وإنما تلده ناقص الخلق شوقاً إلى الذكر، وحرصاً على السفاد، ولشدة شهوتها تدعو الآدمي إلى وطئها، وهذه الحيوان يختفي ف الشتاء في مجاثمه، ويكون إن كان يفعل ذلك لبرد أو علة أخرى، وهو يوجد في ذلك الزمان سميناً جداً، ولذلك يكون عسر الحركة، والإناث تضع حينئذ وتقيم حتى تبلغ وقت خروج جراها، وتفعل ذلك في الشهر الثالث وهو إذا جثم في مكان لا يتحرك منه إلا بعد أن يمر عليه أربعة عشر يوماً، وبعد ذلك يتدرج في الحركة، وهو في تلك الأيام لا يأكل شيئاً، وإنما يمص يديه، ورجليه وربما صيد منها شيء، فيشق جوفه فيوجد معاؤه وليس فيه شيء من الطعم وهو يشد على الثور، فإذا هم الثور بضربه تناول قرنه ونهشه بين كتفيه حتى يقع ولا حراك به، ولما فيه من القوة يقاتل الايايل، وخنازير البر خاصة إذا فاجأها قبل أن تحس به الإنثى إذا هربت دفعت جراها بين يديها، وإذا اشتد خوفها عليها حملتها، وإذا لحقها طالبها صعدت بها الأشجار وفي هذا الحيوان من القوة والشدة، ما يقطع العود الضخم من الشجرة العادية الذي لا يقطعه الفأس، ثم يأخذه بيديه ... قائماً ويشد بها على الفارس فلا يصيب شيئاً إلا هتكه، وفي طبعه فطنة عجيبة لقبول التأديب والتعليم لكنه لا يطيع معلمه إلا بعنف وضرب شديد.
[القول في طبائع التفة]
وتسمى عناق الأرض وهي في نحو الكلب الصغير وأحسن من الكلب وصيدها في غاية الحسن، وربما واثبت الإنسان فعقرته، ولا تطعم غير اللحوم، وتضرى على صيد الكركي، وما قاربه من الطير فتفعل فيها فعلاً حسناً، وتؤخذ صفته من أبيات صنعها الناشئ شعراً منها:
من كان للصيد كساباً فقانصه ... ذو مرةٍ في سباع البيد معدود
لكنه كفتاة الحي ... بارزة ... من خدرها مالئ للعين مودود
حلو الشمائل في أجفانه وطف ... صافي الأديم هضيم الكشح ممسود
فيه من البدر أشباه موافقه ... منها له سفع في وجهه سود
كوجه ذا وجه هذا في تدوره ... كأنه منه في الأشكال مقدود
له من الليث ناباه ومخلبه ... ومن غرير الظباء النحر والجيد
يصغي بأذنين يدني وشك سمعمها ... له الذي عييت في غولها البيد
كآستين على غضين تعطفها ... من جانبيه وفي الرأسين تحديد
كعنبر عوجته في سوالفها ... من بعد ما قوته الغادة الرود
كأنه لابس من جلده فنكا ... في لينه كبنان الكف تمهيد
حكته في لونه نمر الغطاط وفي ... لطف المكائد منه السمع والسيد
إذا رأى الصيد أخفى شخصه أربا ... وقلبه باقتناص الصيد معقود
يكاد من سدكه الأرض يخرقها ... كأنه لحثيث الذعر مزءود
ينساب كالايم هبالا لبغيته ... حتى إذا أمكنته وهو مكدود
سطت عليها به كف المنون فما ... تبغي نجا ورد الحين مورود
القول في طبائع الثعلب