وإنما ذكرناه مع ذي الجناح لأنه من الحيوان الذي له الوثب الذي لا يقصر عن الطيران، وقد حكى الجاحظ عن يحيى بن خالد البرمكي أن البرغوث من الخلق الذي يعرض له الطيران كما يعرض للنمل، والبرغوث مشاء ووثاب، والوثاب من البراغيث لا تمشي وهي تتناكح مستدبرة متعاضلة، والبرغوث يطيل السفاد، ويبيض، ويفرخ بعد أن يتولد وهو يتولد من التراب لا سيما في المواضع المظلمة، سلطانه، زمن الشتاء والربيع، وإذا اشتد عليه الحر هلك، وهو أحدب أسود ويقال أنه في صورة الفيل وله أنياب يعض بها وخرطوم يمتص به الدم وأرجل تصلح للوثب، ويكمن نهارا ويرتع في الأبدان ليلا وتكثر بمصر، ويطول لبثه فيها، ولا يوجد منه شيء في البلاد الشديدة الحر مثل صعيد مصر، ولا في البلاد الشديدة البرد، وتسميه العرب طامر بن طامر لما فيه من الوثب.
[الوصف والتشبيه]
قال شاعر مصري جمع بين البق والبعوض والبراغيث:
نومي على ظهر الفراش مبغض ... والليل فيه زيادة لا تنقص
ما عاديات كالذباب تدأبت ... وسرت على عجل فلا تتربص
جعلت مدي خمرا بدائم شربها ... مسترخصات منه ما لا يرخص