للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنها حين فاض الماء واحتفلت ... صقعاء لاح لها بالمرحة الذيب

فأبصرت شخصه من فوق مرقبه ... ودون موقعه منها شناخيب

فأقبلت نحوه في الجو كاسرة ... نحيبها من هواء الجو تصويب

فأدركته فنالته. . . مخالبها ... فانسل من تحتها والدف مثقوب

لأمثلها من ذوات الجو طائرة ... ولا كهذا الذي بالأرض مطلوب

يلوذ بالصخر منها بعدما قطرت ... منها ومنه على العقب الشآنيب

ثم استغاث بدحل وهي تحفره ... وباللسان بالشدقين تتريب

فظل منجحراً منها. . . يراصدها ... ويرقب الليل إن العيش محبوب

حبت عليه ولم تصب من ... إن الشقاء على الاشقين مصبوب

كالدلو بثت عراها وهي مثقلة ... أرجامها ودم منها وتكريب

وقال آخر من بني هذيل:

ولله فتخاء الجناحين لقوة ... توسد فرخيها لحوم الأرانب

كأن قلوب الطير في جوف وكرها ... نوى القسب تلقى عند بعض المآدب

فخالت غزالاً جاثماً بصرت به ... لدى سمرات عند إدماء شارب

فمرت على بدء فاعنت بعضها ... فخرت على الرجلين أخيب خائب

وقال أبو الفتح كشاحم:

يا ربما أغدو مع الآذان ... والنجم قد رنق كالوسنان

والليل كالمنهزم الجبان ... بلقوة موثقة الأركان

غرثى وكم تشبع من غرثان ... كأنما تضمر بالرهان

كريمة النجر من العقبان ... تفل حد السيف والسنان

بمخلب يهتك دستبان ... أشبه معطوف بصولجان

ومنسر من الدماء قاني ... كأنه في رؤية العنان

سنانه تلوى على دستان ... ومقلة طحاره الأجفان

كأنما صيغت من العقبان ... تضم صيد الجأب والأتان

والطير في ربقتها عواني ... لم تأل إن صادت بلا توان

ما عجزت عن عدة بناني ... أكرم بها عوناً على الضيفان

وقال أبو الفرج الببغاء:

ما كل ذي مخلب وناب ... من سائر الجوارح والكلاب

بمدرك في الجد والطلاب ... أيسر ما يدرك بالعقاب

شريفة الصنعة والأنساب ... تطير من جناحها في غاب

وتستر الأرض عن السحاب ... وتحجب الشمس بلا حجاب

يظل منها الجو في اغتراب ... مستوحشاً للطير كالمرتاب

ذكية تنظر من شهاب ... ذات جران واسع الجلباب

ومنكب ضخم أثيب راب ... ومنسر موثق النصاب

وراحتي ليث سرى غلاب ... ينطت إلى براثن صلاب

مرهفة أمضى من الحراب ... وكل ما حلق في الضباب

لملكها خاضعة الرقاب

[الصنف الثاني من العقاب الزمج]

وأصحاب الكلام في البيزرة يعدونه من خفاف الجوارح، وذلك معروف في عينيه وسرعة حركته، وشدة وثبته، ويصفونه بالغدر وقلة الوفاء والألف لكافة طبعه، وقد يقبل الأدب، ولكن بعد بطئ، وهو شديد الأسر لقوة في نفسه وسلطان في جناحه، ومن عادته أنه يتلقف طائراً كما يتلقف البازي، ويصيد على وجه الأرض، كما يصيد العقاب، ويحمد من خلقه أن يكون لونه أحمراً، وهذا اللون الذي لا يشك في فراهته، ولا يحمد ما قرنص وحشياً.

[الوصف والتشبيه]

قال أبو الفرج الببغاء:

يا رب سرب آمن لم يزعج ... غاديته قبل الصباح الأبلج

بزمج أدلق حوش أهوج ... مضبر المنكب صلب المنسج

ذي قصب عبل أصم مدمج ... وجؤجؤ كالجوشن المدرج

وعنق سام قويم أعوج ... ومنسر أقنى فسيح مسرج

منخرق المدخل رحب المخرج ... ومقلة تشف عن فيروزج

ناظرة من لهب مؤجج ... وهامه كالحجر المدملج

ومخلب كالمعول المعوج

القول في طبائع البازي

<<  <   >  >>