ومعنى قوله خلة الوطواط أنه يبر ولده ولا يتركه بمضيعة بل يحمله حيث توجه وأما من زعم أن الغرانيق غير الكراكي، وهو الجاحظ، حاكيا عن أرسطو: الغرانيق من الطير القواطع، وليست من الأوابد، وإنها إذا أحست بتغير الزمان أزمعت على الرجوع بلادها وأوطانها، وذكر إنها حارسا ثم تنهض معا، وتطير مع الريح التي تهب، فإذا طارت ترفعت في الهواء جدا كي لا يعرض لها شيء من الجوارح وإن عاينت غيما أو خافت مطرا أو سقطت لطلب ما لا بد له منه من طعم أو هجم عليها الليل أمسكت عن الصياح، وضمت إليها أجنحتها، فإذا أرادت النوم أدخل كل واحد منها رأسه تحت جناحه لأنها ترى أن الجناح أحمل لما يرد عليها من المكروه في رأسه، وينام قائما على إحدى رجليه لأنه يظن إن مكن رجليه نام إذا كان يجب أن يكون نومه غزارا وأما قائدها وسائقها وحارسها فلا ينام إلا وهو مكشوف الرأس فإن نام نومه يكون أقل من العشاش، والغرانيق تقاتل بعضها بعضا، وربما صيدت بسبب ذلك لأنها تشتغل بالقتال عن حفظ أنفسها وفراخها إذا قويت تتعاهد الآباء والأمهات بالطعم، ويقال إن ريشها في شيبتها رماديا، فإذا كبرت اسود وليس ذلك في سائر الطير قالوا: والريش يتحول بياضه إلى السواد ولا يتحول سواده إلى البياض بخلاف الشعر
[الوصف والتشبيه]
ومورد يجدل قلب الوامق ... منتظم بالغر والغرانق
وكل طير صافر وناعق ... مكتهل وبالغ ولاحق
موشية الصدور والعواتق ... بكل وشي فاخر وفائق
تختال في أجنحة خوافق ... كأنما تختال في قراطق
يرفلن في قمص وفي يلامق ... كأنهن زهر الحدائق
حمر الحداق نجل الحمالق ... كأنما يجلين في مخانق
كأنما نطقن بالمناطق
[القول في طبائع الإوز]
وهذا النوع ثلاثة أصناف بطائحي وهو طويل الأسود بزرقة، والتركي وهو مائل إلى البياض، والخبي وهو الضخم الكبير منها، قال أصحاب الفحص عن الكلام في طبائع الحيوان أن الإوز عند الفراغ من السفاد يسبح في الماء كأنه تمام اللذة وكمال السرور، والأنثى من هذا النوع تحضن بيضها ثلاثين يوما فإذا خرجت الفراخ ناهدت أخرى فربتهن وعالتهن فتكون حاضنة وداية تسوسهن وتشفق عليهن كالأم، والذكور تحنو على الفراخ، ولكل منها قضيب تسفد به كالبط، والإوز البطائحية) وتعرف بأرض مصر بالعراقية، تخالف الإوز الخبية في الصياح، لأن الخبية تصيح ذكورها ولا تصيح إناثها، والبطائحية (بخلاف ذلك ولا تحنو على الفراخ ولا تحضن.
[الوصف والتشبيه]
قال أبو نؤاس يصف إوزا من طردية:
يا رب سرب من أوز رتع ... في صحب الحوت برود المكرع
فهي بين حوم ... ورفعمن كل محبوك الشراب ادرع
أصفر فص العين احوى الدمع ... مقرط بتؤمتين أودع
موصلة وجنته ... بالأخدع ... عولى متناه بحبك أربع
فهو كبيت اللعب المصنع
وقال الناشئ ناسجا على منواله فقال:
يا رب ضحضاح قريب المشرع ... مطرد مثل السيوف اللمع
مجلل بسابحات وقع ... من كل موشى الطراز ادرع
موشح بمرط المجزع ... أو احصف الزف طرير اسفع
كأن عينيه ولما يهرع ... فصا عقيق ركبا لاصبع
ذي جمة وحف وفرع أفرع ... قرط حسنا بلألئ أربع
وعقد در حول جيد اتلع ... فهو لعين الناظر المستمع
كصنم بجوهر مرصع
وقال أبو نؤاس أيضاً:
ومنهل يغتم باغلافق ... حوى من الإوز الشرارق
سود الاماقي صفر الحمالق ... كأنما يصفرن من ملاعق
صرصرة الأقلام في المهارق
وقال أبو علي الحسن بن رشيق يصف فحل إوز:
نظرت إلى فحل الإوز فخلته ... من الثقل في وحل وما هو في وحل
ينقل رجليه على حين فترة ... كمنتعل لا يحسن المشي في النعل
له عنق كالصولجان ومخطم ... حكى طرف العرجون من يافع النخل
يداخله زهو فيلحظ من على ... جوانبه إلحاظ مهتم العقل
يضم جناحيه إليه كما ارتدى ... رداء جديدا من بني البدو ذو جهل
القول في طبائع البط