وقال ابن أبي الأشعث: يوصف الضبع بالعرج، وليست عرجاء، وإنما يخيل ذلك للناظر وسبب ذا التخيل لدونة في مفاصلها، وزيادة الرطوبة في الجانب الأيمن على الجانب الأيسر منها، وهي مولعة بنبش القبور، وإنما ذلك لشهوتها في لحوم الناس إذا لم تجدها ظاهرة، ومن عاداتها إذا صار القتيل بالعراء، وانتفخ ذكره وقلبه، تجيء فتركبه وتقضي حاجتها منه، ثم تأكله، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه، وأخذت بحلقه قتلته وشربت دمه، وهي فاسقة لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت ولم تكتف بما يكتفي الذئب فإذا اجتمع الضبع والذئب في الغنم سلمت فإن كل واحد منهما يمنع صاحبه والعرب تقول في دعائها للغنم اللهم ضبعاً وذئباً، أي اجمعهما فيها لتسلم والضبع إذا وطئت ظل الكلب في القمر وهو على سطح وقع فأكلته، وإذا دخل الرجل عليها وجارها ولم يسد خروق الموضع بنفسه أو بثوبه، ثم صار إليها من الضياء بقدر سم الخياط، وصبت إليه وقطعته وإن أخذ معه حنضلاً أمن سطوتها وتوصف بالموق والحمق، وذلك إن الصيادين لها يقفون على باب وجارها، ويقولون أطرقي أم طريق خامري أم عامر فإذا سمعت كلامهم انقبضت، فيقولون أبشري بكمر الرجال أبشري بشاة هزيل، وجواد عظلي، وهم مع ذلك يشدون يديها ورجليها وهي لا تتحرك، ولو شاءت لأجهزت عليهم فقتلهم وهذا عند من له أدنى فهم في الخرافات التي للعرب، وهي تلد من الذئب جرواً يسمى العسبار يكون منفرداً لا يألف السباع ويثب على الناس والدواب والله أعلم بالصواب.
[الوصف والتشبيه]
قال متمم بن نويرة يصفها:
يا لهف من عرفاء ذات فليلة ... جاءت إليّ على ثلاث تضلع
ظلت تراصدني وتنظر حولها ... ويريبها رمق وإني مطمع
وتظل تنشطني وتلحم أجريا ... وسط العرين وليس شيء يمنع
لو كان سيفي باليمين ضربتها ... عني ولم أوكل وجنبي الأضيع