مشارق الأرض ومغاربها أخوة في الله، يتحابُّون بنور الله بينهم، وهم أمة واحدة، ذات عقيدة واحدة، تحيتها السلام ودينها الإسلام.
...
[(٣)]
لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يؤم ألفين في عمرة القضاء، ومئة ألف في حجة الوداع، يسيرون كلهم في نظام أدق نظام: هرولة ومشياً، واستلاماً للركن والحجر الأسود - هذا النظام المتصل بروح الإسلام الذي يأمر بالنظام وينهى عن الفوضى - يؤمن أصحابه بصدقه وينفِّذون تعاليمه التي هي روح هذه القوة وقوامها.
وفُرضت الصلاة على المسلمين، ثم قامت صلاة الجماعة التي أدَّاها المسلمون وراء إمام واحد، قلوبهم خاشعة لذكر الله، وصفوفهم متراصة متراصفة ... ومن يرى المسلمين وهم مجتمعون صفوفاً للصلاة تتساوى مناكبهم والأقدام، يؤدون ركعاتها وسجداتها في تناسق مدهش وفي نظام دقيق ووقار، لا يمكن أن يغفل ما لهذه الصلاة المنظمة من
قيمة تربوية في نفوس المسلمين.
إن العرب أُباة لا يخضعون لمشيئة خارجية، ولكنهم كانوا يفتقرون إلى الشعور التام بالطاعة والنظام، فكانت لهذه الصلاة أهمية بالغة في (إيقاظ) روح النظام والضبط في نفوس العرب المسلمين، لذلك غدا مكان الصلاة أول ميدان حقيقي للتدريب العسكري على الضبط والنظام عند المسلمين.