في خلال ذلك كان محمد الفاتح في عاصمته (أدرنه) يضاعف أهبته بعزم لا يعرف الكلل، وكانت قواته المسلحة تحشد في العاصمة التي أصبحت معسكراً كبيراً، وقد تجمَّع فيها الجنود العثمانيون من آسيا وأوروبا من النظاميين والمجاهدين، وكانت حماسة الجيش العثماني للقتال عظيمة، وكان رجاله يعتقدون بأنهم يؤدُّون مهمة سامية في الحياة ويقومون بحرب مقدَّسة يبتغون من ورائها المثوبة من الله وينتظرون نصره، يشاركهم الشيوخ وعلماء الدين ويشدُّون أزرهم ويستثيرون روح الجهاد والتضحية في الجند.
وفي تلك الأثناء حضر إلى الفاتح المهندس المجري (أوربان) وهو أمهر صانع للمدافع في زمانه، وكان قد طاف ببعض بلدان أوروبا وعرض صناعته على بعض ملوكها، فلم يصغِ إليه أحد. وقصد هذا المهندس القسطنطينية ولبث هناك زمناً يعرض خدماته على قسطنطين، غير أن الإمبراطور ضنَّ عليه بالمال.
وفرَّ أوربان إلى محمد الفاتح الذي استقبله استقبالاً حسناً، وبالغ في الحفاوة به، وفتح له أبواب خزائنه وغمره بالمال والعطايا، وعرف كيف يستغله أحسن استغلال، وسهَّل له كل الوسائل لإتمام إنتاج المدافع، ووضع تحت تصرفه ما طلبه من آلات وعمَّال فنيين.
وسأله السلطان:"هل يمكنك أن تصنع مدافع أضخم من التي صنعتها حتى الآن"؟