للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبدأ القائد العام الجديد ينظّم أمر الدفاع عن القسطنطينية، فوضع مدافعه الصغيرة على الأسوار، وقسَّم المدافعين على حسب شعوبهم وأجناسهم، وخصص لكلٍّ واجباته، وقام بتدريب الرهبان والمدنيين الذين يجهلون فنّ الحرب وليس لديهم من وسائلها إلا الحماسة لها، والرغبة في قتال المسلمين، لإنقاذ مدينتهم وسكانها والتضحية بأرواحهم فداءً لها.

وخصص الإمبراطور لجون جستنيان وأتباعه مهمة الدفاع عن النقط الخطيرة والأبواب المهمة، وكان جون مقاتلاً مغواراً ذائع الصيت في الشجاعة والمهارة في فنون القتال، وقد جاء من تلقاء نفسه للدفاع عن القسطنطينية عندما علم بما حاق بها من خطر، فوعده قسطنطين بأن يكافئه بجزيرة من جزر الأرخبيل إذا ما صدَّ الأتراك ونجت القسطنطينية من أخطارهم.

لقد تمخَّضت دول أوروبا، فولدت نحو ألف مقاتل نجدة للقسطنطينية، فنافست بذلك الجبل الذي تمخَّض فولد فأرة! وقرَّر قسطنطين الاعتماد على نفسه وعلى مناعة القسطنطينية للدفاع عنها، كما قرَّر وضع سلسلة لإغلاق ممر القرن الذهبي أمام السفن المعادية (١)، تبدأ من طرف المدينة الشمالي وتنتهي عند حي (غلطه)، تلك المدينة الجنوبية المستقلة التي ترك لسكانها أمر حمايتها عند طرفها الشمالي، وهذه السلسلة هي التي وقفت أمام الأسطول العثماني وعملت على حماية السفن البيزنطية التي تجمَّعت وراءها، وكان لها شأن كبير ودور هام في الدفاع عن المدينة المحاصَرة.


(١) سد مدخل القرن الذهبي في ١٢ نيسان - أبريل - ١٤٥٣م.

<<  <   >  >>