للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت له: كيف تجدك يا عامر؟ فقال: لقد وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهِد بطوقه كالثور يحمي جلده بِرَوقِه (١) فقلت: والله ما يدري ما يقول! وكان بلال إذا تركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته (٢) فقال: ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة بفسخ وحولي أذخر وجليل (٣) وهل أرِدَن يوماً مياه مِجَنَّةٍ وهل يَبْدوَنْ لي شامة وطفيل (٤) فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى" (٥).

[٢ - في بدر]

وبدأ الصراع الحاسم بين المسلمين وأعدائهم، فأبدى المسلمون في الجهاد ضروباً من التضحية لا مثيل لها في التاريخ كله.

فقد استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قبل غزوة (بدر)، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: "يا رسول الله! امض لما أراك الله، فنحن


(١) الطوق: هنا الطاقة والقوة. والروق: القرن.
(٢) عقيرته: صوته.
(٣) فسخ: فسخ موضع خارج مكة به مويه. الأذخر: نبات يشبه الأسل الذي تعمل منه الحصر. والجليل: الثمام، وأهل الحجاز يسمون الثمام الجليل.
(٤) مجنة: اسم موضع، وقيل بلد على عدة أميال من مكة. وطفيل اسم جبل بمكة. وشامة: اسم جبل بمكة أيضاً.
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٢٠ - ٢٢١.

<<  <   >  >>