للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيحمل الغرب على المبادرة إلى نجدته ونصرته، فبعث إلى جميع ملوك الغرب وأمرائه يستصرخهم ويستغيث بهم، كما بعث إلى البابا نقولا الخامس، يستنصره وينذره بأنه إذا سقطت القسطنطينية بيد العثمانيين فإنهم سيهاجمون بعد ذلك إيطاليا نفسها. وذكر قسطنطين قبوله لما اتفق عليه في مجمع فلورنسة الكنسي من أمر توحيد الكنيستين الشرقية والغربية، واعتذر عمَّا كان من مسلك الروم تجاهه وتجاه توحيد الكنيستين. وكان قسطنطين في ذلك مثل من سبقه من الأباطرة، لم يقبل هذا الاتحاد إلا طمعاً في نيل المعونة من دول الغرب الكاثوليكية، أما في قرارة نفسه فلم يكن أقل عداءً من بطريرك الكنيسة الشرقية ومن الشعب البيزنطي للاَّتين ومذهبهم الديني وكل ما جاء من روما (١). وذهبت محاولات قسطنطين سدى، كما كانت استغاثاته صرخة في واد.

[٥ - نقض العهد]

ومن المذهل حقّاً أن يتصرَّف قسطنطين تصُّرفاً أهوج، وهو يعرف عزم العثمانيين على فتح القسطنطينية، فقد استثار محمداً الفاتح ونقض العهد الذي كان بينه وبين العثمانيين، فانتهز محمد الفاتح هذه الفرصة السانحة، وصمم علناً على فتح القسطنطينية.

ذلك أن الفاتح عقب توليه السلطنة عقد السلام مع قسطنطين وغيره والحكَّام، ورضي أن يخصِّص راتباً كبيراً للأمير العثماني (أورخان) الذي كان معتقلاً في القسطنطينية. ويبدو أن قسطنطين أغراه


(١) فتح القسطنطينية ٣٥ - ٣٧؛ وانظر: محمد الفاتح ٤٠.

<<  <   >  >>