ولاح لقسطنطين أن الهزيمة في هذه المعركة ستؤدي إلى كارثة قاصمة، فاستبسل هو ورجاله في القتال. وطلب إحضار مواد سريعة الالتهاب تحرق كلّ ما يصادفها ولا يطفئها الماء، وأخذ المدافعون يقذفون بهذه المواد الملتهبة قلعة العثمانيين، فما لبثت أن احترقت الجلود المبللة بالماء التي تكسو القلعة والتهمتها النار.
وانتهت المعركة بتحطيم أربعة أبراج وامتلاء الخندق بالتراب والحجارة، وانسحب العثمانيون بعد حلول الظلام.
ونظر الفاتح إلى قلعته الخشبية التي أصبحت كومة من الرماد، فابتسم قائلاً:"غداً نصنع أربعة منها".
لقد كان الفاتح يقاتل عدوه بأسلوبين: أسلوب الحرب الاعتيادية، وأسلوب الحرب النفسية.
وكان بحق كتلة من النشاط والعزم والتصميم، ومثالاً حياً للقيادة البارعة النادرة القادرة.
[١٦ - اليأس]
أصبح سكان القسطنطينية في همّ دائم وقلق لا ينقطع، يتطلَّعون ذات اليمين وذات الشمال وإلى فوقهم وأسفلهم، لا يدرون أين يدهمهم الخطر والهلاك.
وبات الناس في القسطنطينية على مثل هذه الحال من الخطر والتخوُّف والتوجُّس، لا يغمض لهم جفن ولا يستقرّ بهم مضجع،