للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولعلَّ أبرز صفاته عليه الصلاة والسلام، قابليَّته الفذَّة على استعمال الرجل المناسب للعمل المناسب، لذلك استطاع بكل كفاية: (بناء الرجال)، فلما التحق بالرفيق الأعلى كان لدى المسلمين قادة وحكام وقضاة وإداريون وكتَّاب وشعراء ورجال سياسة ... إلخ.

وقد حوكم سكرتير أحد الأحزاب عام (١٩٦٢م) لأنه كان عميلاً لدولة معادية، فقيل له: إنك سكرتير الحزب ومؤسسه ورائده، وقد خدمته عشرين عاماً طويلة، فماذا صنعت لخدمة الأجنبي؟ فقال: "كنت أضع الرجل في العمل الذي لا يناسبه" ... ترى كم من رجالنا يفعل مثل ذلك وهو لا يدري؟!! وإلى متى نضع المهندس في موضع الطبيب، والطبيب في موضع المهندس، والضابط في موضع الإداري، والإداري في موضع الضابط؟؟!!

[(٣)]

أ) ولعل الذين دققوا بإمعان، في سِيَرِ قادة العرب والمسلمين الفاتحين في أيام الفتح الإسلامي العظيم، وفي سِيَرِ قادة العرب والمسلمين المنتصرين بعد أيام الفتح الإسلامي العظيم، قد وجدوا أن (القاسم المشترك) في صفاتهم جميعاً، على اختلاف أجناسهم وطبائعهم والزمان الذي عاشوا فيه والمكان الذي ترعرعوا فوق أرجائه والظروف التي أحاطت بهم والبيئة التي تأثروا بها - على اختلاف كل هذه المؤثرات التي تبني السجية وتشيّد الشخصية وتوجه الرجال - هذا (القاسم المشترك) بينهم جميعاً هو تمسكهم بتعاليم الدين الحنيف، ورغبتهم الصادقة في إعلاء كلمة الله.

<<  <   >  >>