الفتح الإسلامي نَسِيجُ وَحْدِهِ في تاريخ البشر، لا يشبهه فتح ولا يدانيه ولا يقاس به ... فقد خرج المسلمون يعلنون كلمة الله، ويبشرون بدينه، ويبذلون في سبيل ذلك أموالهم وأرواحهم، ويفارقون من أجله ديارهم وأولادهم: لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً.
كانت غايتهم إصلاح البشر في أرواحهم وعقولهم وأخلاقهم، وسعادة الناس في دنياهم وآخرتهم؛ فإذا قبلوا الهداية كفوا عنهم، وإن لم يقبلوا فرضوا عليهم الجزية، وإن أبوا قاتلوهم (١).
وكان الفاتحون لا يعلنون عن الإسلام بألسنتهم فحسب، ولكنهم كانوا في أخلاقهم ومعاملاتهم وسيرتهم أمثلة حيّة وترجمة عملية لتعاليم الإسلام.
لذلك لم ينجلِ الفتح الإسلامي عن غالبين ومغلوبين، وإنما انجلى عن أمة واحدة، لها رب واحد ونبيّ واحد وقرآن واحد وسُنَّة واحدة.