للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاءني لاستغفرت له، فأما إذا فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه". وتاب الله على أبي لبابة، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: "لا والله، حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يطلقني بيده"، فلما مر عليه - صلى الله عليه وسلم - خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه (١).

ونزل بنو (قريظة) على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتواثبت الأوس فقالوا: "يا رسول الله صلى الله عليك وسلم! إنهم كانوا مَوَالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت"، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حاصر بني (قينقاع) حلفاء الخزرج قبل بني (قريظة) فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أُبيِّ بن سَلول فوهبهم له، فلما كلمته الأوس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا: بلى، قال: "فذاك إلى سعد بن معاذ". وأقبل الأوس مع سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يقولون لسعد: "يا أبا عمرو! أحسن في مواليك، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم". فلما أكثروا عليه قال: "لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم". وانتهى سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء" (٢).

[٧ - إخلاص الأنصار]

أ- وكان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم، أن هذين الحيين من الأنصار: الأوس والخزرج، كانا يتصاولان (٣) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٥٧ - ٢٥٩.
(٣) تصاول: يقال تصاول الفحلان، إذا حمل هذا على هذا، وأراد: أن كل واحد من =

<<  <   >  >>