للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنّ أثرها في إبراز الطاعة والحرص على متطلباتها كان عظيماً جداً، فما من جيش يكتب له النصر وما من أمة يكتب لها النصر، إلا إذا كانت الطاعة الحقة طبيعة من طبائعها وسجية من سجاياها. وكان المثال الشخصي الذي ضربه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الحرص على الطاعة، من أعظم الدروس التي ضربها للمسلمين في بداية حياته العملية في الخلافة.

[٣ - حرب الردة]

أ) وصمم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - على قتال المرتدين، وكان أكثر العرب قد ارتدوا إلا أهل المدينة ومكة والطائف (١)، فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر الصديق: "كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عَصَمَ مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله"، فقال أبو بكر: "والله لأقاتلنّ مَنْ فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال؛ والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها" (٢).

وخرج أبو بكر بنفسه شاهراً سيفه راكباً راحلته لقتال أهل الردّة، فجاء علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وأخذ بزمام راحلته وقال: "أين يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! أقول لك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم (أُحد): شم (٣) سيفك، لا تفجعنا بك، وارجع إلى المدينة، والله


(١) ابن الأثير ٢/ ١٢٣، وتاريخ أبي الفداء ١/ ١٥٢.
(٢) الرياض النضرة ١/ ١٢٩.
(٣) شم سيفك: اغمده. ويقال: سلّه، وهو من الأضداد.

<<  <   >  >>