وفي اليوم التالي، يوم الجمعة السابع والعشرين من ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمئة الهجرية (٦ من نيسان - أبريل - ١٤٥٣ م) بدأ حصار القسطنطينية.
ولكي ندرس خطة الفاتح في الحصار، لا بدَّ لنا من معرفة طبيعة المدينة المحاصَرة وأبرز عوارضها الطبيعية والصناعية - بخاصة التي سيرد ذكرها في عمليات الحصار والفتح.
مدينة القسطنطينية مثلثة الشكل، جانب منها على بحر (مرمرة) وجانب على ميناء القرن الذهبي، ويمتدّ على طول كلٍّ منهما سور واحد. أما الجانب الثالث فيقع في الجهة الغربية ويصل المدينة بأوروبا وحوله خطان من الأسوار طولهما أربعة أميال يمتدَّان من شاطئ بحر (مرمرة) إلى شاطئ القرن الذهبي، يبلغ ارتفاع السور الداخلي منهما نحو أربعين قدماً، وقد دُعِمَ بأبراج طولها ستون قدماً، والمسافة بين كلّ برج وآخر نحو مئة وثمانين قدماً. ويبلغ ارتفاع السور الخارجي نحو خمسة وعشرين قدماً، وقد حُصّن بأبراج شبيهة بأبراج السور الداخلي، وإن كانت أصغر حجماً من الأولى قليلاً، وهذا السور الخارجي وحده كان من القوة والمناعة بحيث يكفي لحماية أي مدينة من مدن العصور الوسطى. وبين هذين السورين: الداخلي والخارجي؛ أرض مكشوفة متوسط عرضها نحو خمسين أو ستين قدماً. ويقع أمام السور الخارجي سور ثالث ليس بذي خطر، يسهل اقتحامه ويمكن أن نطلق عليه: متراساً، وبين السور الخارجي والمتراس أرض مكشوفة