للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا أخا بني عامر فقال: "نعم فقال: "أنظر إليه فقال: "انظر إن شئت"، فاستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله. وخرج المولى سريعاً حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد، فلما رآه طالعاً قال: "إن هذا الرجل قد رأى فزعاً"، فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويحك! ما لك! فقال: "قتل صاحبكم صاحبي"! وطلع أبو بصير متوشحاً بالسيف حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله! وَفَت ذمتك، وأدى الله عنك. أسلمتني بيد القوم، وقد امتنعتُ بديني أُفتَنُ فيه أو يُعْبث بي"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل أمه! مِحَشّ (١) حرب لو كان معه رجال". وخرج أبو بصير حتى نزل (العيص) من ناحية (ذي المَرْوَة) على البحر بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام. وبلغ المسلمين الذين كانوا حُبسوا بمكة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بصير: "ويل أمه! محش حرب لو كان معه رجال"، فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص، فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلاً، وضيَّقوا على قريش: لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه، ولا تمرُّ بهم عير إلا اقتطعوها، حتى كتبت قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم، فآواهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

[٩ - في مؤتة]

وفي غزوة (مؤتة) التقى المسلمون بجموع (هرقل) من الروم

والعرب، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شاط في رماح


(١) محش حرب: أي إنه يوقد الحرب ويهيجها ويشعل نارها. نقول حشّ فلان النار: إذا أوقدها وجمع لها الحطب.
(٢) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٧٢ - ٣٧٣.

<<  <   >  >>