لست بصدد سرد ما عانيته من عنت شديد في حياتي العسكرية لتمسكي بتعاليم الدين الحنيف.
ولكنني بصدد إبراز أمثلة حيّة ملموسة، تكشف عن واقع مرير.
والذي عانيته عاناه غيري في الجيوش العربية والإسلامية، فثبت قسم على مبادئه، وانهار قسم آخر أمام التيار الجارف العتيد.
إن الضابط المتدين لا يجد الطريق أمامه ممهَّداً للنجاح في حياته العسكرية، أما الضابط غير المتدين فالطريق أمامه ممهد مفتوح.
والضابط المتدين عليه أن يبهر الآخرين بعلمه وجهده، ويحاسب نفسه حساباً عسيراً عن كل عمل يعمله، حتى لا تؤخذ عليه (هفوة) عابرة صغيرة، فتضخم عليه وتصبح وصمة في سجله.
والضابط غير المتدين يحاسب غيره على هفوات مزعومة، لأن المجتمع العسكري يتغاضى عن سيئاته وقد يعتبرها حسنات.
والهدف من هذا البحث، تصحيح خطأ شائع بين العسكريين العرب والمسلمين: هو أن العسكرية تتناقض مع التدين، وأن العسكري المتميز لا يكون متديناً.
فالقاعدة عند هؤلاء أن يكون الضابط سكيراً عربيداً زير نساء، يرتاد الملاهي ويغشى نوادي الميسر؛ والاستثناء عندهم أن يكون الضابط تقياً نقياً، حمامة المسجد، يعف عن الحرمات، ويبتعد عن