ففلقتها وابتلعها اليمُّ في لمح البصر بمن فيها وما فيها. ولم تعلم السفن الأخرى في الظلام الدامس بما حل بسفينة (كوكو)، ولعلَّها اعتقدت أنه هو الذي أطلق قنابله على السفن العثمانية، فدلفت سفينة أخرى إلى الأمام، ولم تكد تتقدم بضع خطوات حتى دهمتها قنبلة شديدة الانفجار فحرقتها هي الأخرى. وأسرع رجالها إلى سدِّ الثلمة وعادوا بها مسرعين، وقد أوشكت على الغرق.
وفرَّت بقية السفن الرومية مذعورة بعد ملاحقتها بالقنابل، وأسر العثمانيون قسماً من بحَّارة السفينة الغارقة وقتلوهم، فانتقم قسطنطين لذلك وعلَّق على أسوار القسطنطينية رؤوس مئتين وستين من الأسرى العثمانيين.
وجهَّز قسطنطين حملة ثانية لحرق السفن العثمانية بقيادة (جستنيان)، ولكنها لم تكن أكثر حظّاً من سابقتها وأخفقت في مهمتها.
ولم يكن من الممكن أن تظلَّ السفن العثمانية والسفن الرومية قابعة في ميناء (القرن الذهبي) بغير صدام، فما لبث أن نشبت بينهما معارك محليَّة ومناوشات يومية، وكانت سجالاً بينهما.
وفي خلال ذلك لم تتوقف المدفعية العثمانية عن إطلاق قنابلها على أسوار القسطنطينية، بينما بذل المحاصَرون قصارى جهدهم لسدّ الثغرات وتطهير الخنادق من الأنقاض.
[١٤ - تضييق الخناق]
بدأ سكان القسطنطينية منذ أوائل شهر مايس - يونيو - من سنة ١٤٥٣ م يشعرون بتناقص المواد التموينية داخل المدينة المحاصَرة