ركَّز محمد الفاتح بعد تولِّيه السلطنة كلّ اهتمامه على فتح القسطنطينية، فكان أمر فتحها يشغل كلّ تفكيره ويسيطر على عقله وقلبه، فكأنَّه تولَّى منصبه لتحقيق هذا الهدف الحيويّ.
ومن المعروف أنَّ المسلمين اهتمُّوا كثيراً بفتح القسطنطينية منذ أيام الدولة الإسلامية الأولى، وقد حاول قسم من الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين وسلاطين بني عثمان قبل محمد الفاتح أن يفتحوا القسطنطينية، ولكنَّ محاولاتهم لم يُكتَب لها النجاح.
كانت أول محاولة للمسلمين لفتح القسطنطينية في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وذلك في أواخر سنة اثنتين وثلاثين الهجرية (٦٥٣ م)، إذ قصدها جيشٌ بقيادة معاوية بن أبي سفيان أمير الشام يومئذٍ، فاخترق آسيا الصغرى حتى ضفاف البسفور. كما قصدها أسطول إسلامي بقيادة بُسْر بن أبي أرطاة لدعم الجيش الإسلامي البرّي، فتحرَّك من (طرابلس الغرب) صوب القسطنطينية ولكن هذه المحاولة لم تنجح (١).
وفي سنة أربع وأربعين الهجرية (٦٦٤م) كانت الحملة الثانية في عهد معاوية بن أبي سفيان، ولكن هذه المحاولة لم تنجح أيضاً.
وفي سنة تسع وأربعين الهجرية (٦٦٩م) أعاد معاوية الكرَّة لفتح القسطنطينية، فبعث جيشاً ضخماً بقيادة سفيان بن عوف ومعه يزيد بن معاوية وجماعة من أكابر الصحابة من المهاجرين والأنصار منهم