أن السلطان الفاتح، صمَّم أن يكون له عرش في القسطنطينية أو يكون له قبر فيها، فاعتلى العرش لأنه طلب الموت فوهبت له الحياة.
ليت قادة العرب والمسلمين اليوم يتلقَّون هذا الدرس الثمين.
[١٩ - الفاتح في القسطنطينية]
وقف محمد الفاتح وهو على صهوة جواده ينظر إلى جنوده وهم يدخلون من كل حدبٍ وصوب مدينة القسطنطينية ترفرف عليهم أعلام النصر، وأقبل عليه كبار رجاله تطفح وجوههم بالبشر والسعادة يهنِّئونه بالفتح، فكان الفاتح يجيبهم:"حمداً لله، ليرحم الله الشهداء، ويمنح المجاهدين الشرف والمجد ولشعبي الفخر والشكر".
أما أهل القسطنطينية فقد تملَّكهم الخوف والذعر، إذ كانوا يعتقدون أن العثمانيين وحوشٌ كاسرة. ولعلَّهم ذكروا دخول الصليبيين مدينتهم قبل قرنين ونصف، وما ارتكبوه فيها من التقتيل والتدمير والتحريق.
وكان معظم سكان القسطنطينية قد لجؤوا إلى الكنائس وبخاصة كنيسة آياصوفيا التي غصَّت بجموعهم، وغلقوا على أنفسهم الأبواب.
وعند الظهيرة توجَّه الفاتح إلى القسطنطينية على ظهر جواده، يحفّ به كبار رجال دولته وحرسه، وقد أعجبته المدينة بآثارها الرائعة ومبانيها الفخمة، وكان ألوف من العثمانيين يحيطون بموكبه.
ولما بلغ الفاتح منتصف المدينة توقَّف عن السير وقال لمن حوله من الجند: "أيها الغزاة المجاهدون! حمداً لله وشكراً، لقد أصبحتم فاتحي