هذا غيض من فيض من تعاليم الإسلام في بناء الرجال معنوياً ومادياً ليكونوا عناصر مفيدة في المجتمع الإسلامي أولاً، ومن تعاليم الإسلام لتدريب هؤلاء الرجال عسكرياً ليكونوا جنوداً متميزين في الجيش الإسلامي ثانياً، ومن تعاليم الإسلام لإعداد هذا الجيش ليصبح قوة ضاربة يدافع عن الإسلام ويصون كرامة المسلمين ويرسي قواعد السلام والعدل ثالثاً، ومن تعاليم الإسلام في مصاولة الحرب النفسية لوقاية جيش المسلمين والأمة الإسلامية من الانهيار المعنوي رابعاً وأخيراً.
لقد عرضنا لحال العرب في الجاهلية وأثر الإسلام في العرب، وعرضنا لتعاليم الإسلام وبخاصة العسكرية منها.
وحين طبق المسلمون الأولون تعاليم الإسلام، وكانوا ترجمةً عملية تمشي على الأرض لتعاليم الدين الحنيف، انتصروا على أعدائهم ولم تنكس لهم راية، وهذا ما يفسر لنا سر الفتح الإسلامي العظيم الذي امتد خلال ثلاثة وثمانين عاماً (١): من الصين شرقاً إلى قلب فرنسا غرباً، ومن سيبيريا شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً كما ذكرنا سابقاً.
وحين أعرض المسلمون عن دينهم، وأصبحوا يتمسكون
بالقشور دون اللباب، وبالمظهر دون المخبر؛ تداعت عليهم الأمم
وأصبحوا غثاء كغثاء السيل.
(١) من سنة إحدى عشرة الهجرية، (٦٣٢م) إلى سنة أربع وتسعين الهجرية (٧١٢م).