للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعلّ فرح أعدائه من جهة وحزن المسلمين لفقده من جهة أخرى، خير دليل على مبلغ جهاده لإعلاء كلمة الله.

لقد كان رجلاً حقاً، وكان أمة في رجل ورجلاً في أمة، ومثله في الرجال قليل.

[٢٣ - الإنسان]

أ) وربما يتبادر إلى الأذهان أن السلطان الفاتح كان رجل حرب وسياسة، أمضى كل عمره في الغزو والجهاد والفتح، فلم يترك أثراً في ميادين الحياة العامة الأخرى.

إن حياة الفاتح لا تتصل بالحرب والسياسة فحسب، وإنما

تتصل بالثقافة والفكر والعلم والفن والإدارة والحكم أيضاً، وقد كانت للسلطان الفاتح في كل هذه الميادين جولات باهرة لا تقلّ روعة وعظمة عن جولاته في ميداني الحرب والسياسة.

قضى الفاتح أيام طفولته بمدينة (أدرنه) وكانت عاصمة العثمانيين، فاهتم أبوه السلطان مراد الثاني بتنشئته وتربيته جسمياً وعقلياً: دربه على ركوب الخيل ورمي القوس والضرب بالسيف، وعندما شبّ وترعرع ولاّه أبوه بعض الولايات بآسيا الصغرى يتدرّب فيها على شؤون الحكم والإدارة، ثم أخذ أبوه يستصحبه معه بين حين وآخر إلى بعض المعارك ليعتاد الحرب، ويتعلم القيادة العسكرية، ويتمرّس بالقتال وأساليبه.

وقد عني أبوه من جهة أخرى عناية فائقة بتعليم ابنه محمد الفاتح

<<  <   >  >>