للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مَكّة المكَرّمَة

[(١)]

[١ - الأهوال]

لست بصدد عرض تطبيق النبي - صلى الله عليه وسلم - لتعاليم الإسلام قولاً وعملاً، لأن أمر ذلك معروف مشهور، كما أن التحدّث عنه استغرق كل كتب الحديث والسيرة المطهرة وكثيراً من المؤلفات القديمة والحديثة، دون أن يستنفد كل أقواله وأعماله. ولا يزال للقائلين والكاتبين في هذا الميدان بكل زمان ومكان مجال فسيح للقول والبحث، لذلك سأقتصر على أمثلة من جهاده بالمال والنفس في سبيل الله، وأمثلة من تضحياته التي تحملها صابراً محتسباً من أجل إعلاء كلمة الله.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشرف بيوتات قريش التي هي أشرف قبائل العرب على الإطلاق (١)، وقد تزوج بخديجة بنت خُوَيلد أم المؤمنين، وكانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم (٢)؛ وقد عرضت خديجة نفسها عليه، فبعثت إليه قائلة: "إني رغبت فيك، لقرابتك وسِطَتك (٣) في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك"، وكانت خديجة يومئذٍ أوسط


(١) انظر نسبه الشريف في: سيرة ابن هشام ١/ ١، وطبقات ابن سعد ١/ ٥٥، وجمهرة أنساب العرب ١٤/ ١٦، وجوامع السيرة ٢، وعيون الأثر: ١/ ٢١.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٢٠٢.
(٣) سطتك: بكسر السين وفتح الطاء، أي شرفك وسامي منزلتك.

<<  <   >  >>