وأجاب أوربان:"في استطاعتي أن أصنع لك مدفعاً يدكّ أسوار القسطنطينية ولو كانت في مناعة أسوار بابل، غير أني مهندس ولست جندياً فلا أعرف أين توضع المدافع".
وضحك محمد الفاتح وقال:"أنا الجنديّ ما عليك إلاَّ أن تصنع المدافع التي أريدها، أما أين توضع وكيف تصوَّب، فدع ذلك لي".
وشرع أوربان في صنع المدافع، يعاونه في ذلك المهندسان
التركيان صاربجة ومصلح الدين، ويشرف عليهم السلطان بنفسه.
وبعد ثلاثة أشهر صنع المدافع التي طلبها منه الفاتح، وكان من بينها مدفع ضخم عملاق لم يُرَ مثله قطّ في ضخامته وكبر حجمه، يزن سبعمئة طن وتزن القنبلة الواحدة التي يطلقها هذا المدفع اثني عشر ألف رطل، ويجرّه مئة ثور يساعدها مئة من الرجال الأشداء يزحفون به زحف السلحفاة. وعندما أُريد تجربته لأول مرة في أدرنه أنذر السلطان سكان المنطقة، فسمع دويّه على بعد ثلاثة عشر ميلاً، وسقطت قذيفته على بعد ميل، وغاصت في الأرض ستة أقدام. وقد قطع هذا المدفع الطريق من أدرنه إلى مربضه أمام أسوار القسطنطينية في شهرين، وهو طريق يقطع عادة في يومين!!.
وصنع أوربان إلى جانب هذا المدفع الضخم الذي دعوه بـ (المدفع السلطاني) لأنه سلطان المدافع، مدافع أخرى من عيارات مختلفة، فأصبحت بذلك قوة المدفعية العثمانية متفوّقة على قوى المدفعية كلها في العالم، وكان لهذا التفوُّق أثره الحاسم في فتح القسطنطينية وفي فتوح العثمانيين في أوروبا وغيرها في أيام محمد الفاتح وخلفائه من بعده.