للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد كان خريجو مدرسة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام رجالاً لا كالرجال.

إنه قدوة الرؤساء والمرؤوسين، والقادة والجنود، وقدوة الأجيال جيلاً بعد جيل، وهو المثل الأعلى للمسلمين وللبشر من مختلف الأجناس.

لقد تحمَّل العربي المسلم التعذيب في سبيل عقيدته، فَعَدَتْ كل قبيلة على من فيها من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر، يفتنونهم عن دينهم.

كان بلال بن رباح يخرجه أميَّة بن خلف إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: "لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزّى"، فيقول وهو في ذلك البلاء: "أَحَدٌ ... أَحدٌ" (١).

وكان بنو مخزوم يخرجون بعمّار بن ياسر وبأبيه وأمه إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة، فيمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "صبراً آل ياسر، موعدكم الجنة"، وأما أمه فقتلوها وهي تأبى إلا الإسلام (٢). وعندما أسلم عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية، فأوثقه كتافاً وقال: "ترغب عن ملَّة


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٣٣٩ - ٣٤٠؛ والإصابة ١/ ١٧١.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٣٤٢؛ وأسد الغابة ٤/ ٤٢.

<<  <   >  >>