للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصلة الرحم وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأَمَرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -وعدَّد عليه أمور الإسلام - فصدّقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً. وحرّمنا ما حرّم علينا، وأحللنا ما أحلّ لنا؛ فعدا علينا قومنا فعذّبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحلّ من الخبائث؛ فلما قهرونا وظلمونا وضيّقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا - خرجنا إلى بلادك، واخترناك على سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلَم عندك أيها الملك"! (١).

وبلغ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا إلى الحبشة إسلام أهل مكة، فأقبلوا لما بلغهم من ذلك؛ حتى إذا دَنَوْا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدَّثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوارٍ أو مستخفياً" (٢).

ودخل عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحيّ بجوار الوليد بن المغيرة، فلما رأى ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يغدو ويروح في أمان، قال: "والله إن غدوي ورواحي آمناً بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني، لَنَقصٌ كبير في نفسي"!! فمشى إلى الوليد بن المغيرة وقال له: "يا أبا عبد شمس! وفَّت ذمتك، وقد رددت إليك جوارك"، فقال


(١) طبقات ابن سعد (١/ ٢٠٧).
(٢) سيرة ابن هشام (١/ ٣٨٨).

<<  <   >  >>