للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: "إني لواقف يوم (بدر) في الصف، نظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت أن أكون بين أضلع (١) منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم! هل تعرف أبا جَهْل بن هشام؟ فقلت: نعم، وما حاجتك يا ابن أخي؟! قال: بلغني أنه كان يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. وغمزني الآخر فقال مثلها، فعجبت لذلك. ونظرت إلى أبي جهل يزول (٢) في الناس، فقلت لهما: ألا تريان؟! هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته (٣)، وهما ابنا عفراء: عوف بن الحارث الأنصاري (٤)، ومعوذ بن الحارث الخزرجي الأنصاري (٥).

في هذه الغزوة الحاسمة، التقى الآباء بالأبناء، والإخوة بالإخوة .. خالفت بينهم المبادئ، ففصلت بينهم السيوف! كان أبو بكر الصديق مع المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن مع المشركين؛ وكان عتبة بن ربيعة مع المشركين، وكان ابنه أبو حذيفة مع المسلمين.


(١) الأضلع: الشديدة القوي الأضلاع.
(٢) يزول: يتحرك وينتقل.
(٣) عيون الأثر ١/ ٢٦١ - ٢٦٢.
(٤) انظر التفاصيل في طبقات ابن سعد ٧/ ٤٩٢، والإصابة ٥/ ٤٢، وأسد الغابة ٤/ ١٥٥، والاستيعاب ٣/ ١٢٢٥.
(٥) انظر التفاصيل في طبقات ابن سعد ٧/ ٤٩٢، والإصابة ٦/ ١٢٩، وأسد الغابة ٤/ ٤٠٢، والاستيعاب ٤/ ٢٤٧٣.

<<  <   >  >>