للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسيبة: "خرجت أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أصحابه، والدولة (١) والريح (٢) للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس، حتى خلصتْ الجراح إلي"، فكان على عاتقها جرح أجوف له غور (٣)، من أثر أحَدِ الجروح الكثيرة التي خلصت إليها بهم يوم (أحد).

وترّس أبو دجانة دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه، حتى كثر فيه النبل. ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول له: "ارمِ فداك أبي وأمي" (٤).

ولما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى (أُحد) رُفع حُسَيْل بن جابر (وهو اليمان أبو حذيفة) وثابت بن وَقَش في الآطام من النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران: "لا أباً لك! ما تنتظر؟ فوالله إن بقي لواحد منا من عمره إلا ظِمْئ حمار (٥)، إنما نحن هامة (٦) اليوم أو غدٍ، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله يرزقنا شهادةً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يُعلَم بهما (٧).


(١) الدولة: بفتح الدال المهملة أو ضمها، والمراد بها هنا الغلبة.
(٢) الريح المراد بها هنا النصر.
(٣) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٩ - ٣٠، الإصابة ٨/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٤) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٠.
(٥) الظمئ: مقدار ما يكون بين الشربتين، وأقصر الأظماء ظمئ الحمار، فضرباه مثلاً
لقرب الأجل.
(٦) هامة اليوم أو غد: يريد أنهما يموتان اليوم أو غداً.
(٧) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٦.

<<  <   >  >>