للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا حسان (١)! إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَن وراءنا من يهود، وقد شُغل عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فانزل إليه فاقتله! قال: يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب! والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا ... فلما قال لي ذلك ولم أرَ عنده شيئاً، احتجزت (٢) ثم أخذتُ عموداً (٣)، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن" (٤).

ولما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما اختلف من أمر (الأحزاب) في غزوة (الخندق)، دعا حذيفة بن اليمان وبعثه إليهم ليلاً لينظر ما فعل القوم. قال حذيفة: " ... فذهبت، فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل: لا تقر لهم قدراً ولا ناراً ولا بناء. فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش! لينظر امرؤ مَنْ جليسه! قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان بن فلان! ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش! إنكم والله ما أصبحتم بدار مُقام ... لقد هلك الكراع والخف (٥)، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون: ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا


(١) حسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) احتجزت: شددت وسطي. تقول احتجز فلان بإزاره، إذا شد وسطه وربطه.
(٣) العمود هنا: أعمدة البيت التي يقام عليها، وقد يكون العمود: المقرعة من الحديد.
(٤) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٤٦، وطبقات ابن سعد ٨/ ٤١، وأسد الغابة ٥/ ٤٩٣، والإصابة ٨/ ١٢٩.
(٥) الكراع: الخيل. الخف: الإبل.

<<  <   >  >>