للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- وفي غزوة (المُرَيْسيعِ) تزاحم أحد المهاجرين مع أحد الأنصار على الماء، فاقتتلا، فصرخ المهاجري: يا معشر المهاجرين! وصرخ الأنصاري: يا معشر الأنصار! فغضب عبد الله بن أبي بن سَلول وقال: "أوَقد فعلوها؟! قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعُدَّنا وجلابيب (١) قريش هذه إلا كما قال الأول: سَمِّن كلبك يأكلك (٢)!!.

أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" (٣).

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي الذي كان من أمر أبيه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله! إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله ابن أُبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت لا بد فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد عَلِمَتْ الخزرج ما كان لها من رجل أَبَرَّ بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر غيري به فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله فأقتل رجلاً مؤمناً بكافر، فأدخل النار!! ".

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل نترفّق به ونحسن صحبته ما بقي معنا" (٤).

وفي رواية: أن عبد الله هذا، تقدم الناس حتى وقف لأبيه على الطريق، فلما رآه أناخ به وقال: "لا أفارقك حتى تزعم أنك الذليل ومحمد العزيز"، فمرَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دَعهُ، فلعمري لنحسننّ صحبته مادام بين أظهرنا" (٥).


(١) جلابيب قريش: لقد كان المشركون يلقبون به أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة.
(٢) سمِّن كلبك يأكلك: مَثَلٌ من أمثلة العرب، وفي ضده تقول: جوّع كلبك يتبعك.
(٣) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٤) سيرة ابن هشام ٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٥) طبقات ابن سعد ٢/ ٦٥.

<<  <   >  >>