للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم استأذن أسامة قائلاً: "إن رأيت أن تعينني بعمر، فافعل" (١)، فعاد عمر بإذنه ... بإذن القائد الذي هو في مقام الطاعة هناك، حتى على الخليفة وعلى أكبر الصحابة من بعده (٢).

وقبل أن يعود أبو بكر أدراجه إلى المدينة، وقف في جيش أسامة خطيباً وقال: "أيها الناس! أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلّوا (٣)، ولا تغدروا، ولا تمثلوا (٤)، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليه، وتلقون أقوماً قد فحصوا (٥) أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقاً ... اندفعوا باسم الله".

وقال لأسامة: "اصنع ما أمرك به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ابدأ ببلادِ قُضاعة، ثم ائت (آبل) (٦)، ولا تقصرنّ في شيء من أمر رسول لله، ولا يعجلنّ لما خلفت عن عهده" (٧).


(١) الطبري ٢/ ٤٦٣.
(٢) انظر التفاصيل في: عبقرية الصديق ١٣٢ - ١٣٧.
(٣) غلّ: خان في المغنم. وفي التنزيل العزيز: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
(٤) مَثَّلَ بفلان: نكَّلَ به بجدع أنفه أو قطع أنفه أو غيرها من الأعضاء.
(٥) فَحَصَ: كشف. وفحصوا أوساط رؤوسهم: كشفوها بحلق شعرها.
(٦) آبل: تسمى آبل الزيت، وهي مدينة بالأردن من مشارف الشام، انظر التفاصيل في معجم البلدان ١/ ٥٢.
(٧) الطبري ٢/ ٤٦٣.

<<  <   >  >>