للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب) ولكن، كيف انتصر المسلمون وهم قليلون على المرتدين وهم كثيرون؟. في معركة (اليمامة) كانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة، فقالوا: "نخشى علينا من نفسك شيئاً"! فقال: "بئس حامل القرآن أنا إذاً" (١) ... إن الذي يحمل القرآن لا يجبن أبداً.

واحتدم القتال في هذه المعركة بين المسلمين من جهة، وبين المرتدين أصحاب مسيلمة الكذاب من جهة أخرى، فقال ثابت بن قيس: "بئسما عوّدتم أنفسكم يا معشر المسلمين! اللهم إني أبرأ إليك مما يعبد هؤلاء - يعني أهل اليمامة - وأبرأ إليك مما يصنع هؤلاء - يعني المسلمين -".

وفي تلك المعركة، قال زيد بن الخطاب حين انكشف الناس عن رحالهم: "لا تَحَوُّز (٢) بعد الرِّحال"، ثم قاتل حتى قتل.

وفي تلك المعركة قام البراء بن مالك أخو أنس بن مالك - رضي الله عنهما -، وكان إذا حضر الحرب أخذته العُرواء (٣) حتى يقعد عليه الرجال وهو ينتفض تحتهم حتى يبول في سراويله، فإذا بال يثور كما يثور الأسد؛ فلما رأى ما صنع الناس أخذه الذي كان يأخذه حتى قعد عليه الرجال، فلما بال وثب وقال: "أين يا معشر المسلمين! أنا البراء بن مالك ... هلم إليّ" ... وزحف المسلمون حتى ألجؤوا المرتدين إلى


(١) الطبري ٢/ ٥٠٩.
(٢) انحاز: ترك مركزه إلى آخر. والتحوّز: ترك موقع القتال إلى آخر. وهو هنا يشير إلى الآية الكريمة: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ}.
(٣) العرواء: رعدة الخوف.

<<  <   >  >>