للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا التجافيف (١) ولا الجواشن (٢) ولا الرمي بالمنجنيقات ولا الزرق بالنفط والنيران (٣).

ولكنّ العرب المسلمين كانوا شجعاناً أذكياء، يحملون عقيدة سامية نذروا أنفسهم لخدمتها وإعلاء شأنها ونشرها بين الناس، لذلك اقتبسوا بسرعة مذهلة الأساليب التعبوية التي لم يكونوا يعرفونها وتسلَّحوا بالأسلحة التي كانوا يفتقرون إليها، وكان إيمانهم العميق هو الحافز الأول لاستكمال إعدادهم العسكري واستعدادهم للحرب، هذا الإيمان هو سلاحهم الأول والأخير في النصر.

ب) وقد وصف المثنى بن حارثة الشيباني أثر الإيمان في العرب فقال: "قد قاتلتُ العرب والعجم في الجاهلية، والله لمئة من العجم في الجاهلية كانوا أشد عليّ من ألف من العرب، ولمئة اليوم من العرب أشد عليّ من ألف من العجم. إن الله أذهب بأسهم ووهَّن كيدهم، فلا يروعنكم زهاءً ترونه ولا سواد ولا قسي فُجّ ولا نبال طوال، فإنهم إذا أعجلوا عنها أو فقدوها كالبهائم، أينما وجهتموها اتجهت" (٤).

وهناك ظاهرة تدعو إلى التأمل، فقد كانوا لا يؤمِّرون في الفتوح إلا الصحابة (٥)، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا يولي إلا الصحابة ولا يرضى أبداً أن يعمل صحابي بإمرة غير صحابي (٦).


(١) التجافيف: جمع التجفاف (بكسر التاء) آلة يغطي بها الفارس والفرس في الحرب للوقاية.
(٢) الجواشن: صدور الدروع، وقد تطلق على الدرع كله.
(٣) انظر البيان والتبيين للجاحظ ٣/ ١٣ - ١٦.
(٤) الطبري ٢/ ٦٥٠ - ٦٥١.
(٥) الإصابة ٢/ ١٩٤ و ٤/ ٢٣٥ و ١/ ٣٠٩.
(٦) قادة فتح العراق والجزيرة ٣٥٠.

<<  <   >  >>